وقالوا : هذه الإحاطة بهم إنّما تكون قبل دخولهم ، فيحيط بهم هذا الدخان كالسرادق حول الفسطاط.
وروى أبو سعيد الخدريّ عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «سرادق النّار أربعة جدر ، كثف كلّ جدار مسيرة أربعين سنة» (١).
وقال ابن عبّاس : السّرادق حائط (٢).
قوله : (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا) ، أي : يطلبوا الغوث ، والياء عن واو ؛ إذ الأصل : يستغوثوا ، فقلبت الواو ياء كما تقدم في قوله : (نَسْتَعِينُ) [الفاتحة : ٢] وهذا الكلام من المشاكلة والتّجانس ، وإلّا فأيّ إغاثة لهم في ذلك؟ أو من باب التهكّم ؛ كقوله : [الوافر]
٣٥١٥ ـ ........... |
|
تحيّة بينهم ضرب وجيع (٣) |
وهو كثير.
وقوله : «كالمهل» صفة ل «ماء» والمهل : درديّ الزيت ، وقيل : ما أذيب من الجواهر كالنحاس والرصاص والذهب والفضة.
وعن ابن مسعود أنّه دخل بيت المال ، وأخرج ذهبا وفضة كانت فيه ، وأوقد عليها ، حتّى تلألأت ، وقال : هذا هو المهل (٤).
وقيل : هو الصّديد والقيح.
وقيل : ضرب من القطران ، والمهل بفتحتين : التّؤدة والوقار ، قال : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ) [الطارق : ١٧].
قوله : (يَشْوِي الْوُجُوهَ) يجوز أن تكون الجملة صفة ثانية ، وأن تكون حالا من «ماء» لأنه تخصّص [بالوصف] ، ويجوز أن تكون حالا من الجارّ ، وهو الكاف.
والشّيّ : الإنضاج بالنار من غير مرقة ، تكون مع ذلك الشيء المشويّ.
فصل
روى أبو سعيد الخدري عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «بماء كالمهل» قال : كعكر الزّيت ، فإذا
__________________
(١) أخرجه أحمد (٣ / ٢٩) والترمذي (٢٥٨٧) والحاكم (٤ / ٦٠٠) والطبري في «تفسيره» (٨ / ٢١٨) وأبو يعلى (٢ / ٥٢٦) رقم (١٣٨٩) من طريق دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد به وقال الحاكم : صحيح الإسناد وسكت عنه الذهبي وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٩٩) وزاد نسبته إلى ابن أبي الدنيا في «صفة النار» وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٢١٧) عن ابن عباس وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٩٩) وعزاه إلى الطبري.
(٣) تقدم.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٢١٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٤٠٠) وزاد نسبته إلى هناد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني.