قرّب إليه ، سقطت فروة وجهه فيه (١).
وسئل ابن مسعود عن المهل ، فدعا بذهب وفضة ، فأوقد عليهما النّار ، حتّى ذابا ، ثم قال : هذا أشبه شيء بالمهل (٢).
قيل : إذا طلبوا ماء للشّرب ، فيعطون هذا المهل.
قال تعالى : (تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) [الغاشية : ٤ ، ٥].
وقيل : إنّهم يستغيثون من حرّ جهنّم ، فيطلبون ماء يصبونه على وجوههم للتبريد ، فيعطون هذا الماء ؛ كما حكى عنهم قولهم : (أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ) [الأعراف : ٥٠].
قوله : (بِئْسَ الشَّرابُ) المخصوص محذوف ، تقديره : هو ، أي : ذلك الماء المستغاث به.
قوله : (وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) «ساءت» هنا متصرفة على بابها ، وفاعلها ضمير النار ، ومرتفقا تمييز منقول من الفاعلية ، أي : ساء ، وقبح مرتفقها. والمرتفق : المتّكأ ومنه سمي المرفق مرفقا ؛ لأنه يتكأ عليه ، وقيل : المنزل قاله ابن عبّاس (٣).
وقال مجاهد : مجتمعا (٤) للرّفقة ؛ لأنّ أهل النّار يجتمعون رفقاء ، كما يجتمع أهل الجنّة رفقاء.
فأمّا رفقاء أهل الجنّة ، فهم الأنبياء والصّديقون والشّهداء والصالحون (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [النساء : ٦٩].
وأما رفقاء النّار ، فهم الكفّار والشّياطين ، أي : بئس الرفقاء هؤلاء ، وبئس موضع الترافق
النّار ، كما أنه نعم الرفقاء أهل الجنّة ، ونعم موضع الرفقاء الجنّة ، قاله ابن عباس وقيل : هو مصدر بمعنى الارتفاق ، وقيل : هو من باب المقابلة أيضا ؛ كقوله في وصف الجنة بعد : (وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) [الكهف : ٣١] ، وإلّا فأيّ ارتفاق في النار؟ قال الزمخشريّ : إلا أن يكون من قوله : [البسيط]
__________________
(١) أخرجه أحمد (٣ / ٧٠ ـ ٧١) والترمذي (٢٥٨٤) والحاكم (٤ / ٦٠٢) والطبري في «تفسيره» (٨ / ٢١٨) وأبو يعلى (٢ / ٥٢٠) رقم (١٣٧٥) من طريق دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من حديث رشدين بن سعد ورشدين قد تكلم فيه.
والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٤٠٠) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والبيهقي في «الشعب».
(٢) تقدم.
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١٦٠).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٢٢٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٨ / ٤٠٠) وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.