٣٥٣٩ ـ أبا منذر رمت الوفاء وهبته |
|
وحدت كما حاد البعير عن الدّحض (١) |
وقال آخر : [الطويل]
٣٥٤٠ ـ [وردت ونجّى اليشكريّ حذاره |
|
وحاد كما حاد البعير عن الدّحض](٢) |
و«مكان دحض» من هذا.
قوله : (وَما أُنْذِرُوا) يجوز في «ما» هذه أن تكون مصدريّة ، وأن تكون بمعنى «الّذي» والعائد محذوف ، وعلى التقديرين ، فهي عطف على «آياتي».
و«هزوا» مفعول ثان أو حال ، وتقدّم الخلاف في «هزوا» في قوله (وَما أُنْذِرُوا هُزُواً) وفيه إضمار أي وما أنذروا به ، وهو القرآن «هزوا» أي استهزاء.
قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ) الآية.
تقدم إعراب نظيرها في الأنعام ، واعلم أنّه تعالى لمّا حكى عن الكفّار جدالهم بالباطل ، وصفهم بالصّفات الموجبة للخزي والخذلان ، فقال : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ).
أي : لا ظلم أعظم من كفر من ترد عليه الآيات ، فيعرض عنها ، ويتركها ، ولم يؤمن بها ونسي ما قدّمت يداه ، أي : مع إعراضه عن التأمّل في الدلائل والبيّنات يتناسى ما قدمت يداه من الأعمال المنكرة ، والمراد [بالنّسيان](٣) التّشاغل والتغافل عن كفره المتقدّم.
قوله : (إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) أي : أغطية.
قوله : (أَنْ يَفْقَهُوهُ) لئلّا يفقهوه.
قوله : (وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) صمما وثقلا.
قوله : (وَإِنْ تَدْعُهُمْ) يا محمد (إِلَى الْهُدى) إلى الدين. قوله : (فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) وهذا في أقوام ، علم الله منهم أنهم لا يؤمنون.
وتقدّم الكلام على هذه الآية في سورة الأنعام.
والعجب أنّ قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) متمسّك القدريّة.
وقوله : (إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ) متمسّك الجبرية ، وقلما تجد آية في القرآن لأحد هذين الفريقين إلا ومعها آية للفريق الآخر ، والتجربة تكشف عن صدق هذا ، وما
__________________
(١) لأبي كبير ينظر : ديوان الهذليين ٢ / ١٠٤ ، الطبري ١ / ١٧٣ ، البحر ٦ / ١٢٦ ، اللسان «صرف» ، الدر المصون ٤ / ٤٦٦.
(٢) البيت لطرفة ينظر : شرح ديوان الحماسة ٣ / ١١٦٥ ، مجاز القرآن ١ / ٤٠٩ ، البحر ٦ / ١٥٦ ، الجمهرة ٢ / ١٢٣ ، اللسان «دحض» ، الدر المصون ٤ / ٤٦٦.
(٣) في ب : من النسيان.