الشّبق ، وذلك إنما يكون في الشّباب ، وقد يتناول هذا اللفظ الصبي الصغير ، وليس في القرآن كيف لقياه : هل كان يلعب مع الغلمان ، أو كان منفردا؟ أو هل كان مسلما ، أو كان كافرا؟ أو هل كان بالغا ، أو صغيرا؟ لكن اسم الغلام بالصّغير أليق ، وإن احتمل الكبير ، إلّا أن قوله : (بِغَيْرِ نَفْسٍ) أليق بالبالغ منه بالصبيّ ؛ لأن الصبيّ لا [يقتل](١)(٢).
قال ابن عباس (٣) : لم يكن نبي الله يقول : أقتلت نفسا زكيّة بغير نفس إلّا وهو صبيّ لم يبلغ (٤).
وكيفيّة قتله ، هل كان بحزّ رأسه ، أو بضرب رأسه بالجدار ، أو بطريق آخر؟ فليس في لفظ القرآن ما يدلّ على شيء من هذه الأقسام ، لكنّه روي في الحديث عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الغلام الذي قتله الخضر ، طبع كافرا ، ولو عاش ، لأرهق والديه طغيانا وكفرا» (٥).
فإن قيل : إنّ موسى استبعد أن يقتل النّفس إلّا لأجل القصاص ، وليس الأمر كذلك ، لأنه قد يحلّ دمه بسبب آخر.
فالجواب : أنّ السّبب الأقوى هو ذاك.
قوله : (زَكِيَّةً) : قرأ (٦) «زاكية» بألف وتخفيف الياء : نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وبدون الألف وتشديد الياء : الباقون ، فمن قرأ «زاكية» فهو اسم فاعل على أصله ، ومن قرأ «زكيّة» فقد أخرجه إلى فعيلة للمبالغة.
قال الكسائيّ والفراء : معناهما واحد ؛ مثل القاسية والقسيّة ، وقال أبو عمرو بن العلاء : الزّاكية : التي لم تذنب قطّ ، والزّكيّة : التي أذنبت ثم تابت.
[والغلام : من لم يبلغ]. وقد يطلق على البالغ الكبير. فقيل : مجازا باعتبار ما كان. ومنه قول ليلى : [الطويل]
٣٥٤٩ ـ شفاها من الدّاء الذي قد أصابها |
|
غلام إذا هزّ القناة شفاها (٧) |
وقول الآخر : [الطويل]
__________________
(١) في أ: يعقل.
(٢) في ب : يقتل.
(٣) ينظر : معالم التنزيل ٣ / ١٧٤.
(٤) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١٧٥).
(٥) أخرجه أبو داود (٤٧٠٥) والترمذي (٣١٥٠) وأحمد (٥ / ١٢١) وابن أبي عاصم (١ / ٨٦) من حديث أبي بن كعب.
(٦) ينظر : السبعة ٣٩٥ ، والحجة ، والإتحاف ٢ / ٢٢١ ، والتيسير ١٢٤ ، والنشر ٢ / ٢١٦ ، وإعراب القراءات ١ / ٤٠٥ ، والقرطبي ١١ / ١٥ ، والبحر ٦ / ١٤٢ ، والدر المصون ٤ / ٤٧٣.
(٧) تقدم.