٣٥٥٠ ـ تلقّ ذباب السّيف عنّي فإنّني |
|
غلام إذا هو جيت لست بشاعر (١) |
وقيل : بل هو حقيقة ، لأنه من الاغتلام وهو الشّبق ، وذلك إنما يكون في الشاب المحتلم ، والذي يظهر أنه حقيقة فيهما عند الاطلاق ، فإذا أريد أحدهما ، قيد كقوله : (لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ) وقد تقدّم ترتيب أسماء الآدميّ من لدن هو جنين إلى أن يصير شيخا ، ولله الحمد ، في آل عمران.
قال الزمخشري : «فإن قلت : لم قال : (حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها) بغير فاء ، و (حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً ، فَقَتَلَهُ) بالفاء؟ قلت : جعل «خرقها» جزاء للشرط ، وجعل «قتله» من جملة الشرط معطوفا عليه ، والجزاء «قال : أقتلت» فإن قلت : لم خولف بينهما؟ قلت : لأنّ الخرق لم يتعقّب الركوب ، وقد تعقّب القتل لقاء الغلام».
قوله : بغير نفس» فيه ثلاثة أوجه :
الأول : أنها متعلقة ب «قتلت».
الثاني : أنها متعلقة بمحذوف ، على أنها حال من الفاعل ، أو من المفعول ، أي : قتلته ظالما ، أو مظلوما ، كذا قدّره أبو البقاء (٢) ، وهو بعيد جدّا.
الثالث : أنها صفة لمصدر محذوف ، أي : قتلا بغير نفس.
قوله : «نكرا» قرأ نافع (٣) ، وأبو بكر ، وابن ذكوان بضمّتين ، والباقون بضمة وسكون ، وهما لغتان ، أو أحدهما أصل ، و«شيئا» : يجوز أن يراد به المصدر ، أي : مجيئا نكرا ، وأن يراد به المفعول به ، أي : جئت أمرا منكرا ، وهل النكر أبلغ من الإمر ، أو بالعكس؟ فقيل : الإمر أبلغ ؛ لأنّ قتل أنفس بسبب الخرق أعظم من قتل نفس واحدة وأيضا : فالإمر هو الداهية العظيمة فهو أبلغ من النكر ، وقيل : النّكر أبلغ ، لأن معه القتل الحتم ، بخلاف خرق السفينة ، فإنه يمكن تداركه ؛ ولذلك قال : (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ) ولم يأت ب «لك» مع «إمرا» ؛ لأن هذه اللفظة تؤكّد التّوبيخ.
وقيل : زاد ذلك ، لأنّه نقض العهد مرّتين ، فقال الخضر لموسى ـ عليهماالسلام ـ : «ألم أقل لك إنّك لن تستطيع معي صبرا» فعند ذلك قال موسى : (إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي) وهذا كلام نادم.
قوله : (فَلا تُصاحِبْنِي) : العامة على «تصاحبني» من المفاعلة ، وعيسى ويعقوب:«فلا تصحبنّي» من صحبه يصحبه.
__________________
(١) ينظر البيت في البحر المحيط ٦ / ١٤١ ، روح المعاني ١٥ / ٣٣٨ ، الدر المصون ٤ / ٤٧٤.
(٢) ينظر : الإملاء ٢ / ١٠٦.
(٣) ينظر : السبعة ٣٩٥ ، والنشر ٢ / ٢١٦ ، والتيسير ١٤٤ ، والحجة ٤٢٤ ، والحجة للقراء السبعة ٥ / ١٥٩ ، والإتحاف ٢ / ٢٢١ ، وإعراب القراءات ١ / ٤٠٦ ، والبحر ٦ / ١٤٢ ، والدر المصون ٤ / ٤٧٤.