وأبو عمرو في (١) رواية ، وأبيّ بضمّ التاء من فوق ، وكسر الحاء ، من أصحب يصحب ، ومفعوله محذوف ، تقديره : فلا تصحبني نفسك ، وقرأ أبيّ «فلا تصحبني علمك» فأظهر المفعول.
قوله : (مِنْ لَدُنِّي) العامة على ضمّ الدال ، وتشديد النون ، وذلك أنّهم أدخلوا نون الزيادة أعني الوقاية على «لدن» لتقيها من الكسر ؛ محافظة على سكونها ، حوفظ على سكون نون «من» و«عن» فألحقت بهما نون الوقاية ، فيقولون : منّي وعنّي بالتشديد.
ونافع (٢) بتخفيف النون ، والوجه فيه : أنّه لم يلحق نون الوقاية ل «لدن» إلا أنّ سيبويه (٣) منع من ذلك وقال : «لا يجوز أن تأتي ب «لدن» مع ياء المتكلم ، دون نون وقاية» وهذه القراءة حجة عليه ، فإن قيل : لم لا يقال : إن هذه النون نون الوقاية ، وإنّما اتصلت ب «لد» لغة في «لدن» حتى يتوافق قول سيبويه ، مع هذه القراءة؟ قيل : لا يصحّ ذلك من وجهين :
أحدهما : أنّ نون الوقاية ، إنما جيء بها ؛ لتقي الكلمة الكسر ؛ محافظة على سكونها ، ودون النون لا سكون ؛ لأنّ الدال مضمومة ، فلا حاجة إلى النّون.
الثاني : أن سيبويه يمنع أن يقال : «لدني» بالتخفيف.
وقد حذفت النون من «عن» و«من» في قوله : [الرمل]
٣٥٥١ ـ أيّها السّائل عنهم وعني |
|
لست من قيس ولا قيس مني (٤) |
وقرأ أبو بكر بسكون الدّال ، وتخفيف النون ، لكنّه ألزم الدال الضمة منبهة على الأصل.
ولكن تحتمل هذه القراءة أن تكون النون فيها أصليّة ، وأن تكون للوقاية على أنها دخلت على «لد» الساكنة الدال ، لغة في «لدن» فالتقى ساكنان ، فكسرت نون الوقاية على أصلها ، وإذا قلنا بأنّ النون أصليّة ، فالسكون تخفيف ؛ كتسكين ضاد «عضد» وبابه واختلف القراء في هذا الإشمام ، فقائل : هو إشارة بالعضو من غير صوت ، كالإشمام الذي في الوقف ، وهذا هو المعروف ، وقائل : هو إشارة للحركة المدركة بالحسّ ، فهو
__________________
(١) ينظر في قراءاتها : الإتحاف ٢ / ٢٢٢ ، والنشر ٢ / ٣١٣ ، والشواذ ٨١ ، والقرطبي ١١ / ١٧ ، والبحر ٦ / ١٤٢ ، والدر المصون ٤ / ٤٧٤.
(٢) ينظر في قراءاتها : السبعة ٣٩٦ ، والحجة ٤٢٥ ، والنشر ٢ / ٣١٣ ، والتيسير ١٤٥ ، والإتحاف ٢ / ٢٢٢ ، والحجة للقراء السبعة ٥ / ١٦٠ ، وإعراب القراءات ١ / ٤٠٧ ، والقرطبي ١١ / ١٧ ، والبحر ٦ / ١٤٢ والكشاف ٢ / ٧٣٦ ، والدر المصون ٤ / ٤٧٤.
(٣) ينظر : الكتاب ١ / ٣٨٦ ـ ٣٨٧.
(٤) ينظر البيت في شرح ابن عقيل ١ / ١١٤ ، شرح المفصل لابن يعيش ٣ / ١٢٥ ، الأشموني ١ / ١٢٤ ، التصريح ١ / ١١٢ ، الخزانة ٢ / ٣٨٠ ، الدر المصون ٤ / ٤٧٥.