والمعنى : أفظنّ الذين كفروا أن ينتفعوا بما عبدوه.
والمراد بقوله : (أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ) : أربابا ، يريد بالعباد : عيسى ، والملائكة.
وقيل : هم الشياطين يتولّونهم ويطيعونهم.
وقيل : هم الأصنام ، سمّاها عبادا ؛ كقوله : (عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) [الأعراف : ١٩٤]. وهو استفهام توبيخ.
قوله : (أَفَحَسِبَ) : العامة على كسر السين ، وفتح الباء ؛ فعلا ماضيا ، و (أَنْ يَتَّخِذُوا) سادّ مسدّ المفعولين ، وقرأ (١) أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، وزيد بن عليّ ، وابن كثير ، ويحيى بن يعمر في آخرين ، بسكون السين ، ورفع الباء على الابتداء ، والخبر «أن» وما في حيّزها.
والمعنى : أفكافيهم ، وحسيبهم أن يتّخذوا كذا وكذا.
وقال الزمخشريّ : «أو على الفعل والفاعل ؛ لأن اسم الفاعل ، إذا اعتمد على الهمزة ، ساوى الفعل في العمل ؛ كقولك : «أقائم الزّيدان» وهي قراءة محكيّة جيّدة».
قال أبو حيّان : «والذي يظهر أنّ هذا الإعراب لا يجوز ؛ لأنّ حسبا ليس باسم فاعل ، فيعمل ، ولا يلزم من تفسير شيء بشيء : أن يجرى عليه أحكامه ، وقد ذكر سيبويه (٢) أشياء من الصّفات (٣) التي تجري مجرى الأسماء ، وأنّ الوجه فيها الرفع ، ثم قال : وذلك نحو : مررت برجل خير منه أبوه ، ومررت برجل سواء عليه الخير والشر ، ومررت برجل أب له صاحبه ، ومررت برجل حسبك من رجل هو ، ومررت برجل أيّما رجل هو». ثم قال أبو حيّان : «ولا يبعد أن يرفع به الظاهر ، فقد أجازوا في «مررت برجل أبي عشرة أبوه» أن يرتفع «أبوه» ب «أبي عشرة» لأنه في معنى والد عشرة».
قوله : «نزلا» فيه أوجه :
أحدها : أنه منصوب على الحال ، جمع «نازل» نحو شارف ، وشرف.
الثاني : أنه اسم موضع النّزول. قال ابن عباس : «مثواهم» وهو قول الزجاج.
الثالث : أنّه اسم ما يعدّ للنازلين من الضّيوف ، أي : معدة لهم ؛ كالمنزل للضّيف ، ويكون على سبيل التهكّم بهم ، كقوله تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [آل عمران : ٢١] وقوله : [الوافر]
__________________
(١) ينظر : الإتحاف ٢ / ٢٢٨ ، والمحتسب ٢ / ٣٤ ، والقرطبي ١١ / ٤٤ والبحر ٦ / ١٥٧ ، والدر المصون ٤ / ٤٨٤.
(٢) ينظر : الكتاب ١ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠.
(٣) في ب : الأسماء.