النون هنا ، وفي المؤمنين ، والباقون (١) بفتح النون فيهما.
وهذه الجملة يجوز أن تكون مفسّرة للعبرة ، كأنه قيل : كيف العبرة؟ فقيل : نسقيكم من بين فرث ، ودم لبنا خالصا ، ويجوز أن يكون خبرا لمبتدأ ، [مضمر](٢) ، والجملة جواب لذلك السؤال ، أي : هي ، أي : العبرة نسقيكم ، ويكون كقوله : «تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه».
واختلف النّاس : هل سقى ، وأسقى لغتان بمعنى واحد ، أم بينهما فرق؟.
خلاف مشهور ، فقيل : هما بمعنى واحد ، وأنشد جمعا بين اللغتين فقال : [الوافر]
٣٣٣٣ ـ سقى قومي بني مجد وأسقى |
|
نميرا والقبائل من هلال (٣) |
دعى للجميع بالسقي ، والخصب ، و«نميرا» هو المفعول الثاني ، أي : ما نميرا ، وقال أبو عبيدة : من سقى الشّفة : «سقى» فقط ، ومن سقى الشجر والأرض : «أسقى» ، وللداعي لأرض بالسقيا وغيرها : أسقى فقط.
وقال الأزهري (٤) ـ رحمهالله ـ : العرب تقول لكلّ ما كان من بطون الأنعام ، ومن السّماء ، أو نهر يجري أسقيته ، أي : جعلته شربا له ، وجعلت له منه مسقى ، فإذا كان للمنفعة قالوا : «سقى» ، ولم يقولوا : «أسقى».
وقال الفارسيّ (٥) : «سقيته حتّى روي ، وأسقيته نهرا جعلته له شربا».
وقيل : سقاه إذا ناوله الإناء ؛ ليشرب منه ، ولا يقال من هذا أسقاه.
وقرأ أبو (٦) رجاء «يسقيكم» بضمّ الياء من أسفل ، وفي فاعله وجهان :
أحدهما : هو الله ـ تعالى ـ.
والثاني : أنه ضمير النّعم المدلول عليه بالأنعام ، أي : نعما يجعل لكم سقياه.
وقرىء (٧) : «تسقيكم» بفتح التاء من فوق. قال ابن عطيّة : وهي ضعيفة.
قال أبو حيّان (٨) : «وضعفها عنده ـ والله أعلم ـ أنه أنّث في : «نسقيكم» وذكر في
__________________
(١) ينظر : السبعة ٣٧٤ ، والنشر ٢ / ٣٠٤ ، والحجة ٣٩١ ، والإتحاف ٢ / ١٨٦ ، والقرطبي ١٠ / ٢٨٢ ، والبحر ٥ / ٤٩٢ ، والدر المصون ٤ / ٣٤١.
(٢) في ب : محذوف.
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : تهذيب اللغة ٩ / ٢٢٨.
(٥) ينظر : الحجة ٥ / ٧٤ ـ ٧٥.
(٦) ينظر : البحر ٥ / ٤٩٢ ، والدر المصون ٤ / ٣٤١.
(٧) وهي قراءة أبي جعفر ينظر : الإتحاف ٢ / ١٨٦ ، والنشر ٢ / ٣٠٤ ، والبحر ٥ / ٤٩٢ والقرطبي ١٠ / ٨٢ ، والدر المصون ٤ / ٣٤١.
(٨) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٤٩٢.