وممّن قام على عثمان محمد بن أبي بكر الصّدّيق ، فسئل سالم بن عبد الله فيما قيل عن سبب خروج محمد ، قال : الغضب والطّمع ، وكان من الإسلام بمكان ، وغرّه أقوام فطمع ، وكانت له دالّة (١) ، ولزمه حقّ ، فأخذه عثمان من ظهره.
وحجّ معاوية ، فقيل إنّه لمّا رأى لين عثمان واضطراب أمره قال : انطلق معي إلى الشّام قبل أن يهجم عليك من لا قبل لك به ، فإنّ أهل الشّام على الطّاعة ، فقال : أنا لا أبيع جوار رسول الله صلىاللهعليهوسلم بشيء وإن كان فيه قطع خيط عنقي ، قال : فأبعث إليك جندا ، قال : أنا أقتّر على جيران رسول الله صلىاللهعليهوسلم الأرزاق بجند تساكنهم! قال : يا أمير المؤمنين والله لتغتالنّ ولتغزينّ ، قال : (حسبي الله ونعم الوكيل) (١).
وقد كان أهل مصر بايعوا أشياعهم من أهل الكوفة والبصرة وجميع من أجابهم ، واتّعدوا يوما حيث شخص أمراؤهم ، فلم يستقم لهم ذلك ، لكنّ أهل الكوفة ثار فيهم يزيد بن قيس الأرحبيّ واجتمع عليه ناس ، وعلى الحرب يومئذ القعقاع بن عمرو ، فأتاه وأحاط النّاس بهم فناشدوهم ، وقال يزيد للقعقاع : ما سبيلك عليّ وعلى هؤلاء ، فو الله إنّي لسامع مطيع ، وإنّي لازم لجماعتي إلّا أنّي أستعفي من إمارة سعيد ، ولم يظهروا سوى ذلك ، واستقبلوا سعيدا فردّوه من الجرعة ، واجتمع النّاس على أبي موسى فأقرّه عثمان.
__________________
= عساكر (ترجمة عثمان بن عفان ـ تحقيق سكينة الشهابي) ـ ص ٣٠١.
والدّله والدّله : ذهاب الفؤاد من همّ أو نحوه كما يدله عقل الإنسان من عشق أو غيره (لسان العرب ـ مادّة «دله»).
(١) تاريخ الطبري ٤ / ٣٤٥ ، تاريخ دمشق (ترجمة عثمان) ٣٠٦.