واذا كان لا ينتفع بها الا ببيانها ، فهو سبحانه قد بينها غاية البيان بطرق ثلاثة : السمع ، والبصر ، والعقل.
أما السمع : فبسمع آياته المتلوة المبينة لما عرفنا اياه من صفات كماله كلها الوحدانية وغيرها ، غاية البيان ، لا كما يزعمه الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة ومعطلة بعض الصفات من دعوى احتمالات توقع في الحيرة ، تنافي البيان ال؟؟ وصف الله به كتابه العزيز ورسوله الكريم ، كما قال تعالى : (حم. وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) الزخرف : ١ ، ٢. (الر. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) يوسف : ١ ، ٢ (الر. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) الحجر : ١ ، ٢. (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران : ١٣٨. (فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) المائدة ٩٢. والتغابن : ١٢. (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) النحل : ٤٤. وكذلك السنة تأتي مبينة أو مقررة لما دل عليه القرآن ، لم يحوجنا ربنا سبحانه وتعالى الى رأي فلان ، [ولا الى ذوق فلان] ووجب في أصول ديننا.
ولهذا نجد من خالف الكتاب والسنة مختلفين مضطرين. بل قد قال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) المائدة : ٣. فلا يحتاج في تكميله الى أمر خارج عن الكتاب والسنة.
والى هذا المعنى أشار الشيخ أبو جعفر الطحاوي فيما يأتي من كلامه من قوله : لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا ، فإنه ما سلم في دينه الا من سلم لله عزوجل ولرسوله صلىاللهعليهوسلم.
وأما آياته العيانية الخلقية : فالنظر فيها والاستدلال بها يدل على ما تدل عليه آياته القولية السمعية ، والعقل يجمع بين هذه وهذه ، ويجزم بصحة ما جاءت به الرسل ، فتتفق شهادة السمع والبصر والعقل والفطرة.
فهو سبحانه لكمال عدله ورحمته واحسانه وحكمته ومحبته للعذر واقامة الحجة ـ لم يبعث نبيّا إلا ومعه آية تدل على صدقه فيما أخبر به ، قال تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) الحديد : ٢٥.