به السبيل» (١).
٢. ويقول عليهالسلام في حجج الله تعالى في أرضه : «هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة ، وباشروا رَوْح اليقين» (٢).
٣. ويقول عليهالسلام : «وما برح لله عزت آلاؤه ، في البرهة بعد البرهة ، وفي أزمان الفترات ، عبادٌ ناجاهم الله في فكرهم ، وكلَّمهم في ذات عقولهم» (٣).
هذه الآيات والروايات توقفنا على أنّ المعرفة الحقيقية الّتي تحيا بها نفس الإنسان ، لا تُستوفى بالسَّير الفكري ، وإنّما بتهذيب النفس ، وتطهير القلب ، والانقطاع عن كل شيء ، حتّى يرفع دونها كل حجاب مضروب ، وكل ستار مسدول ، فيرى عالم الغيب ويعاين معارفه وحقائقه بعين القلب.
وإكمال هذا البحث يتوقف على شرح الأسفار الّتي يسلكها العارف في سيره الروحي والمعنوي ، ولكنه بحث واسع ، لا يسعه المقام.
هذا ، ولا يحق للباحث الكريم أن يستنتج ممّا تقدّم أنّ دعوى آليّة القلب والمكاشفة والشهود والإلهام ، في كسب المعرفة الحقّة ، إحباط لمقام الحسّ والعقل ، وإنكار لفضلهما ولزوم إعمالهما. لا ، ليس الأمر كذلك البتّة ، بل إنّ لكلّ أداة مقامها ، ومجال عملها ، وسيأتي مدى قيمة هذه الأداة.
الوحي
ثمّ إنّ هناك أداةً أُخرى تقرُب من الإلهام والإشراق ، وهي المسمّاة بالوحي في مصطلح الشرع ، وهو الّذي يخصّ به الخالق تعالى أنبياءه.
والوحي إدراك خاص متميّز عن سائر الإدراكات ، وليس نتاج الحسّ ولا
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٢١٥.
(٢) نهج البلاغة ، الكلم القصار ، الرقم ١٤٧. من كلام له عليهالسلام لكميل بن زياد النَّخعي.
(٣) نهج البلاغة ، الخطبة ١١٧.