أدوات المعرفة
(١)
الحس
البحث في أداة الحسّ يقع ضمن أُمور :
الأمر الأوّل : الحسّ من أدوات المعرفة
الحسّ من أوثق مصادر المعرفة ، إليه تنتهي كل المعارف الضرورية والنظرية ، ولولاه لما كانت هناك معرفة عقلية ولا إشراقية. وهذا لا يعني انحصار أداة المعرفة به ، وأنّه ليس لنا إلى دار المعرفة طريق سواه ، فإنّ هذا ضلال وخداع ، بل إنّ لنا إلى ذلك طرقاً مختلفة يأتي بيانها ، بيد أنّ المراد هو أنّ إعمال الأدوات الأُخر يتوقف على تجهّز الإنسان بأدوات الحسّ ، وارتباطه بالمحسوسات ، لأنّ ذلك كلّه معدّ لإدراك العقل البديهيات والنظريات. ولذلك قيل : من فقد حسّاً فقد فَقَد علماً. ولو وُجد إنسان فاقدٌ لجميع الحواس ، لكان عاجزاً عن تصور المعارف البسيطة فضلاً عن المعارف النظرية الدقيقة.
الأمر الثاني : هل للإدراك الحسيّ قيمة علمية؟
قد سبق أن وقوف الإنسان على بعض الأخطاء في الإدراكات الحسيّة خير دليل على أنّ هناك حقائق مسلّمة تدركها الباصرة بالعين ، والسامعة بالأُذن ، واللامسة باليد وغيرها ، ... إذ لو لا كونه كاشفاً عن المعرفة الصحيحة ، فمن أين وقف على أنّ هذا الإدراك الحسيّ أو ذاك خطأ غير صحيح.