٨ ـ الصورة الذهنية للإله ليست أكمل من الذهن
زعم ديكارت أنّ الصورة الذهنية عن القوة الكبرى أكمل من نفسه ، وليس هو بصحيح ، لأنّ الّذي يكون أكمل من النفس هو الواقعية الموضوعية الّتي يشار اليها بالصورة الذهنية.
كما أنّه رتب على ذلك لزوم أن يكون لها مصدر آخر ، وهو غير صحيح أيضاً ، لأنّ تصوّر الشيء الأكمل من النفس ، ليس دليلاً على أنّه جيء به من مصدر آخر إلى الذهن ، لأنّ الّذي لا تقدر عليه النفس هو إيجاد ذي الصورة ، لا الصورة المشيرة إليه. فهذا خلط بين الصورة وذي الصورة.
٩ ـ ما هو مصدر استحالة التضليل على الإله؟
إنّ قول ديكارت : الخداع مستحيل على الإله ، عبارة أُخرى عن أنّ الخداع قبيح ، وليست هي من الحكمة النظرية ، بل من الحكمة العملية ، فمن أين علم أنّه لا يخدع ، وشكّ في كل شيء ولم يشكّ في هذا؟
وما استدلّ به على استحالة الإطلاق بقوله : وهو مستحيل على الكامل المطلق ، لا ينبغي أن يركن إليه ديكارت ، إذ لعلّ هذه الفكرة أيضاً من خداعه وتضليله ، فيُوهِمُ أنّ الخداع مستحيل ، وليس بمستحيل. وبعبارة أصحّ : يُوهم أنّه قبيح ، مع أنّه ليس قبيحاً.
١٠ ـ ديكارت شكّاك في المحسوسات
إنّ ديكارت مع ما تصعّد وترقى ، وجاهد ليخرج عن دوامة الشكّ والحيرة ، لم ينج منها ، فهو بعدُ في غير الفطريات شكّاك غير جازم بشيء لأنّه لم يقم للحسّ وزناً علمياً ، ولم يُضف عليه واقعية موضوعية. وأقصى ما قال فيه إنّه يدعم الإنسان في حياته ، فيدفع بالحسّ مشاقَّ الحياة ، ولكنه لا يوصله إلى نفس الواقع ، ولا يكشف عن مُحيّا الحقيقة ، بل من المحتمل أن يكون ما في الحسِّ غير ما في الواقع.
وبما أنّ الأُمور الفطرية عند ديكارت قليلة جداً ، بل غالب التصورات ينالها