السادس : أنّها ليست شرا بل خلقت لأجل نفع الإنسان إن كان مطيعا لله ، قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٩٦] ، وقال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة الروم ، الآية : ٤٦].
ويتفرع عن كل واحد مما تقدم أمور أخرى يأتي تفصيل الكلام فيها في المواضع المناسبة إن شاء الله تعالى. وبذلك بيّن سبحانه أصول الإعتقاد بالمبدأ والمعاد ونبذ الشرك والأنداد.
كما بيّن أن جميع مخلوقاته آيات وعلامات على وجود المبدأ تبارك وتعالى الذي وصفه القرآن الكريم بأمور :
الأول : أنّه أزلي قديم ، لأنّ كل حادث لا بد له من الانتهاء إلى علة قديمة ، وإلّا يلزم التسلسل الباطل ، وبذلك أثبت الفلاسفة القاعدة المعروفة في الفلسفة الإلهية : «أنّ كل حادث في عالم الإمكان لا بد وأن ينتهي إلى علة قديمة وواجبة وإلّا لاختل النظام». والقاعدة المشهورة : «إنّ كلما بالعرض لا بد وأن ينتهي إلى ما بالذات».
الثاني : أنّه موجود إذ لا يعقل استناد الحوادث إلى المعدوم.
الثالث : امتناع التعدد بالنسبة إليه ، كما يأتي في الآيات المناسبة له.
الرابع : أنّه حي مدرك ، إذ لا يمكن اسناد هذا النظام الحسن إلى غيره.
الخامس : أنّه منعم رحيم رؤوف ، لأنّ الخلق والتقدير إنما هو رحمة ورأفة ونعمة في وجدان كل ذي شعور كما يأتي في الآيات اللاحقة.
السادس : أنّه حكيم عليم بدقائق الأمور كلياتها وجزئياتها ، لما في بدايع صنعه من خصوصيات ودقائق علمية مما تدهش منه العقول ويعترف أهل الفن بالعجز والقصور في درك الحقيقة ويخرّون سجدا لإلهية وحكمته.