تذيب الثلج ، وكفّ برد هذا الثلج فلا يطفئ حرّ هذه النار ، اللهمّ يا مؤلف بين الثلج والنار ألف بين قلوب عبادك المؤمنين. فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا ملك وكله الله بأكناف السماوات وأطراف الأرضين ، وهو أنصح ملائكة الله تعالى لأهل الأرض من عباده المؤمنين ، يدعو لهم بما تسمع منه منذ خلق ، وملكان يناديان في السماء ، أحدهما يقول : اللهم أعط كل منفق خلفا ، والآخر يقول : اللهم أعط كل ممسك تلفا.
ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر (١) الإبل ، يقرض اللحم من جنوبهم ويلقى في أفواههم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء الهمّازون اللمّازون.
ثم مضيت ، فإذا أنا بأقوام ترضخ رؤوسهم بالصّخر ، فقلت : من هؤلاء ، يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء الذين ينامون عن صلاة العشاء.
ثم مضيت ، فإذا أنا بأقوام تقذف النار في أفواههم ، وتخرج من أدبارهم ، فقلت : من هؤلاء ، يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً)(٢).
ثمّ مضيت ، فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه ، فقلت : من هؤلاء ، يا جبرئيل؟ قال : هؤلاء (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ)(٣) وإذا هم بسبيل آل فرعون ، يعرضون على النار غدوّا وعشيّا ، يقولون : ربّنا متى تقوم الساعة؟
قال : ثمّ مضيت ، فإذا أنا بنسوان معلّقات بأثدائهنّ ، فقلت : من هؤلاء ،
__________________
(١) المشافر : جمع مشفر ، والمشفر للبعير كالشّفة للإنسان. «لسان العرب ـ شفر ـ ج ٤ ، ص ٤١٩».
(٢) النساء : ١٠.
(٣) البقرة : ٢٧٥.