المكلفين (يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي : يختاروا من المقالات والمذاهب ، المقالة التي هي أحسن المقالات ، والمذاهب. وقيل : مرهم يقولوا الكلمة التي هي أحسن الكلمات ، وهي كلمة الشهادتين ، وكل ما ندب الله إليه من الأقوال. وقيل : معناه يأمروا بما أمر الله به ، وينهوا عما نهى الله عنه. وقيل : معناه قل لهم يقل بعضهم لبعض أحسن ما يقال ، مثل : رحمك الله ، ويغفر الله لك.
وقيل : معناه قل لعبادي إذا سمعوا قولك الحق ، وقول المشركين ، يقولوا ما هو أولى ، ويتبعوا ما هو أحسن ، عن أبي مسلم ، وقال نظيره : (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ).
(إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) أي : يفسد بينهم ، ويغري بعضهم ببعض ، ويلقي بينهم العداوة (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ) في جميع الأوقات (لِلْإِنْسانِ) أي : لآدم وذريته (عَدُوًّا مُبِيناً) مظهرا للعداوة. ثم خاطب سبحانه الفريقين ، فقال : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) معناه : إنه أعلم بأحوالكم ، فيدبر أموركم على ما يعلمه من المصلحة لكم (إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) ، قيل : أراد أنه سبحانه مالك للرحمة والعذاب ، فيكون الرجاء إليه ، والخوف منه ... وقيل : معناه إن يشأ يرحمكم بالتوبة ، أو إن يشأ يعذبكم بالإصرار على المعصية ... وقيل : معناه إن يشأ يرحمكم بإخراجكم من مكة ، وتخليصكم من إيذاء المشركين ، أو إن يشأ يعذبكم بتسليطهم عليكم. وقيل : إن يشأ يرحمكم بفضله ، وإن يشأ يعذبكم بعدله ، وهو الأظهر.
ثم عاد إلى خطاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : (وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) أي : وما أرسلناك موكلا عليهم. حفيظا لأعمالهم ، يدخل الإيمان في قلوبهم ، شاؤوا أم أبوا. ومعناه : إنك لا تؤاخذ بأعمالهم ، فإنا أرسلناك داعيا لهم إلى الإيمان ، فإن أجابوك وإلا فلا شيء عليك ، فإن عتاب ذلك يحل بهم ،