واللائمة تلزمهم (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : هو أعلم بمن في السماوات من الملائكة ، وبمن في الأرض من الأنبياء ، بين سبحانه بهذا أنه لم يختر الملائكة والأنبياء للميل إليهم ، وإنما اختارهم لعلمه بباطنهم. وقيل : معناه إنه أعلم بالجميع ، فجعلهم مختلفين في الصور والرزق والأحوال ، كما اقتضته المصلحة ، كما فضل بعض النبيين على بعض (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) والمعنى : إن الأنبياء وإن كانوا في أعلى مراتب الفضل ، فإنهم طبقات في ذلك ، وبعضهم أعلى من بعض ، بزيادة الدرجة والثواب ، وبالمعجزات والكتاب. ولما كان سبحانه عالما ببواطن الأمور ، إختارك للنبوة وفضلك على الأنبياء ، كما فضل بعضهم على بعض ، فسخر لبعضهم النار ، وألان لبعضهم الحديد ، وأتى بعضهم الملك ، وكلم بعضهم ، وكذلك خصك بخصائص لم يعطها أحدا ، وختم بك النبوة.
ثم قال : (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) قال الحسن : كل كتاب زبور ، إلا أن هذا الاسم غلب على كتاب داود عليهالسلام ، كما غلب اسم الفرقان على القرآن ، وإن كان كل كتاب من كتب الله فرقانا ، لأنه يفرق بين الحق والباطل. وقال الزجاج : معنى ذكر داود هنا : إنه يقول لا تنكروا تفضيل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإعطاءه القرآن ، فقد أعطينا داود الزبور. ثم قال سبحانه لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (قُلِ) يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يعبدون غير الله (ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ) أنها آلهة عند ضر ينزل بكم ، ليكشفوا ذلك عنكم ، أو يحولوا تلك الحالة إلى حالة أخرى.
(فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً) للحالة التي تكرهونها إلى حالة تحبونها ، يعني تحويل حال القحط إلى الخصب ، والفقر إلى الغنى ، والمرض إلى الصحة. وقيل : معناه لا يملكون تحويل الضر عنكم إلى غيركم. بين سبحانه أن من كان بهذه الصفة ، فإنه لا يصلح للإلهية ، ولا