تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً).
ثم قال جعفر بن محمد عليهالسلام : «إنّ أمر الله تعالى ذكره لا يحمل على المقاييس ، ومن حمل أمر الله على المقاييس هلك وأهلك ، إنّ أول معصية ظهرت ، الإبانة من إبليس اللعين ، حين أمر الله تعالى ذكره ملائكته بالسجود لآدم فسجدوا ، وأبى إبليس اللعين أن يسجد ، فقال عزوجل : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)(١) فكان أوّل كفره قوله : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) ثمّ قياسه بقوله : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) فطرده الله عزوجل عن جواره ولعنه وسماه رجيما ، وأقسم بعزّته لا يقيس أحد في دينه إلا قرنه مع عدوّه إبليس في أسفل درك من النار» (٢).
وقال أبو عبد الله عليهماالسلام : «لمّا كان من أمر موسى عليهالسلام الذي كان ، أعطي مكتلا (٣) فيه حوت مملّح ، وقيل له : هذا يدلك على صاحبك عند عين مجمع البحرين ، لا يصيب منها شيء ميتا إلا حيي ، يقال لها : الحياة ، فانطلقا حتى بلغا الصخرة ، فانطلق الفتى يغسل الحوت في العين ، فاضطرب الحوت في يده حتى خدشه ، فانفلت منه ، ونسيه الفتى ، فلمّا جاوز الوقت الذي وقّت فيه أعيا موسى عليهالسلام : (قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) قال : (أَرَأَيْتَ) إلى قوله تعالى : (عَلى آثارِهِما قَصَصاً) فلمّا أتاها وجد الحوت قد خرّ في البحر ، فاقتصّا الأثر حتى أتيا صاحبهما في جزيرة من جزائر البحر ، إمّا متكئا وإما جالسا في كساء له ، فسلّم عليه موسى عليهالسلام ، وعجب من السّلام ، وهو في أرض ليس فيها سلام ، فقال : من أنت؟ قال : أنا موسى. قال : أنت موسى بن عمران الذي كلّمه الله تكليما؟ قال : نعم. قال :
__________________
(١) الأعراف : ١٢.
(٢) علل الشرائع : ص ٥٩ ، ح ١.
(٣) المكتل : الزبيل الكبير.