قال : «فسار ذو القرنين إلى ناحية المغرب ، فكان إذا مرّ بقرية زأر فيها كما يزأر الأسد المغصب ، فتنبعث في القرية ظلمات ورعد وبرق وصواعق ، تهلك من ناوأه وخالفه ، فلم يبلغ مغرب الشمس حتى دان له أهل المشرق والمغرب» قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «وذلك قوله عزوجل : (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً) : أي دليلا ، فقيل له : إنّ لله في أرضه عينا يقال لها : عين الحياة ، لا يشرب منها ذو روح إلّا لم يمت حتى الصيحة ، فدعا ذو القرنين الخضر عليهالسلام ، وكان أفضل أصحابه عنده ، ودعا بثلاث مائة وستّين رجلا ، ودفع إلى كلّ واحد منهم سمكة ، وقال لهم : اذهبوا إلى موضع كذا وكذا ، فإنّ هناك ثلاثمائة وستين عينا ، فليغسل كلّ واحد منكم سمكته في عين غير عين صاحبه ، فذهبوا يغسلون ، وقعد الخضر عليهالسلام يغسل ، فانسابت السّمكة منه في العين ، وبقي الخضر عليهالسلام متعجّبا مما رأى ، وقال في نفسه : ما أقول لذي القرنين؟ ثمّ نزع ثيابه يطلب السّمكة ، فشرب من مائها ، ولم يقدر على السمكة ، فرجعوا إلى ذي القرنين ، فأمر ذو القرنين بقبض السّمك من أصحابه ، فلمّا انتهوا إلى الخضر عليهالسلام لم يجدوا معه شيئا ، فدعاه وقال له : ما حال السّمكة؟ فأخبره الخبر. فقال له : فصنعت ما ذا؟ فقال : اغتمست فيها ، فجعلت أغوص وأطلبها فلم أجدها قال : فشربت من مائها؟ قال : نعم ـ قال ـ فطلب ذو القرنين العين فلم يجدها ، فقال للخضر عليهالسلام : أنت صاحبها» (١).
وقال الأصبغ بن نباتة ، سئل أمير المؤمنين عليهالسلام عن ذي القرنين؟ قال : «كان عبدا صالحا واسمه عيّاش ، واختاره الله وابتعثه إلى قرن من القرون الأولى في ناحية المغرب ، وذلك بعد طوفان نوح عليهالسلام ، فضربوه على قرن
__________________
(١) تفسير القميّ : ج ٢ ، ص ٤١.