الشمس ، وغيّرت أجسادهم وألوانهم حتى صيّرتهم كالظلمة ، ثم اتبع ذو القرنين سببا في ناحية الظلمة : (حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) خلف هذين الجبلين ، وهم يفسدون في الأرض ، إذا كان إبّان زروعنا وثمارنا خرجوا علينا من هذين السدّين فرعوا في ثمارنا وزروعنا ، حتى لا يبقوا منها شيئا (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً) نؤدّيه إليك في كلّ عام (عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) إلى قوله : (زُبَرَ الْحَدِيدِ).
قال : «فاحتفر له جبل حديد ، فقلعوا له أمثال اللّبن ، فطرح بعضه على بعض فيما بين الصّدفين ، وكان ذو القرنين هو أوّل من بنى ردما على الأرض ، ثمّ جمع عليه الحطب وألهب فيه النار ، ووضع عليه المنافيخ ، فنفخوا عليه ، فلمّا ذاب قال : آتوني بقطر ـ وهو المسّ الأحمر ، قال ـ فاحتفروا له جبلا من مسّ فطرحوه على الحديد ، فذاب معه واختلط به ـ قال ـ (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) يعني يأجوج ومأجوج (قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا). إلى ها هنا رواية علي بن الحسين ورواية محمد بن نصر.
وزاد جبرئيل بن أحمد ، في حديثه ، بأسانيد عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي بن أبي طالب عليهالسلام : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ)(١) يعني يوم القيامة ، وكان ذو القرنين عبدا صالحا ، وكان من الله بمكان ، نصح لله فنصح له وأحبّ الله فأحبّه ، وكان قد سبّب له في البلاد ، ومكّن له فيها حتى ملك ما بين المشرق والمغرب ، وكان له خليلا من الملائكة يقال له : رفائيل ، ينزل إليه فيحدّثه ويناجيه ، فبينا هو ذات يوم عنده إذ قال له ذو القرنين : يا رفائيل ، كيف عبادة أهل السماء ، وأين هي من عبادة أهل الأرض؟ قال رفائيل : يا ذا القرنين ،
__________________
(١) الكهف : ٩٩.