الخضر عليهالسلام الميزان ، فوضع الحجر الذي جاء به ذو القرنين في كفّة الميزان ، ثمّ وضع حجرا آخر في كفّة أخرى ، ثمّ وضع كفّا من تراب على حجر ذي القرنين يزيده ثقلا ، ثم رفع الميزان فاعتدل ، وعجبوا وخرّوا سجّدا لله ، وقالوا : يا أيها الملك ، هذا أمر لم يبلغه علمنا ، وإنا لنعلم أن الخضر ليس بساحر ، فكيف هذا وقد وضعنا معه ألف حجر كلّه مثله فمال بها ، وهذا قد اعتدل به وزاده ترابا؟!
قال ذو القرنين : بيّن ـ يا خضر ـ لنا أمر هذا الحجر ، قال الخضر : أيّها الملك ، إنّ أمر الله نافذ في عباده ، وسلطانه قاهر وحكمه فاصل ، وإن الله ابتلى عباده بعضهم ببعض ، وابتلى العالم بالعالم ، والجاهل بالجاهل ، والعالم بالجاهل ، والجاهل بالعالم ، وإنه ابتلاني بك ، وابتلاك بي.
فقال ذو القرنين : يرحمك الله يا خضر ، إنما تقول : ابتلاني بك حين جعلت أعلم منّي ، وجعلت تحت يدي ، أخبرني ـ يرحمك الله ـ عن أمر هذا الحجر.
فقال الخضر عليهالسلام : أيها الملك ، إن هذا الحجر مثل ضربه لك صاحب الصور ، يقول : إنّ مثل بني آدم مثل هذا الحجر الذي وضع ووضع معه ألف حجر فمال بها ، ثم إذا وضع عليه التراب ، شبع وعاد حجرا مثله ، فيقول : كذلك مثلك ، أعطاك الله من الملك ما أعطاك ، فلم ترض به حتى طلبت أمرا لم يطلبه أحد كان قبلك ، ودخلت مدخلا لم يدخله إنس ولا جانّ ، يقول : كذلك ابن آدم ، لا يشبع حتى يحثى عليه التراب. قال : فبكى ذو القرنين بكاء شديدا ، وقال : صدقت يا خضر ، يضرب لي هذا المثل ، لا جرم أني لا أطلب أثرا في البلاد بعد مسلكي هذا.
ثمّ انصرف راجعا في الظّلمة ، فبينما هم يسيرون ، إذ سمعوا خشخشة تحت سنابك خيلهم ، فقالوا أيّها الملك ، ما هذا؟ فقال : خذوا منه ، فمن أخذ