الجنابة؟ قال : لا.
قال : فانضمّ حتى عاد إلى الحالة الأولى ، فإذا هو بدرجة مدرّجة إلى أعلى القصر ، فقال الطير : يا ذا القرنين ، اسلك هذه الدرجة ، فسلكها وهو خائف لا يدري ما يهجم عليه ، حتى استوى على ظهرها ، فإذا هو بسطح ممدود مدّ البصر ، وإذا رجل شابّ أبيض مضيء الوجه ، عليه ثياب بيض ، كأنّه رجل ، أو في صورة رجل ، أو شبيه بالرجل ، أو هو رجل ، وإذا هو رافع رأسه إلى السّماء ينظر إليها ، واضع يده على فيه ، فلما سمع خشخشة ذي القرنين ، قال : من هذا؟ قال : أنا ذو القرنين. قال : يا ذا القرنين ، ما كفاك ما وراءك حتى وصلت إليّ؟ قال ذو القرنين : ما لي أراك واضعا يدك على فيك؟ قال : يا ذا القرنين ، أنا صاحب الصّور ، وإن الساعة قد اقتربت ، وأنا أنتظر أن أؤمر بالنّفخ فأنفخ ، ثم ضرب بيده ، فتناول حجرا فرمى به إلى ذي القرنين ، كأنّه حجر ، أو شبه حجر ، أو هو حجر ، فقال : يا ذا القرنين ، خذها ، فإن جاع جعت ، وإن شبع شبعت ، فارجع.
فرجع ذو القرنين بذلك الحجر ، حتى خرج به إلى أصحابه ، فأخبرهم بالطير وما سأله عنه ، وما قال له ، وما كان من أمره ، وأخبرهم بصاحب الصّور ، وما قال له ، وما أعطاه ، ثمّ قال لهم : إنه أعطاني هذا الحجر ، وقال لي إن جاع جعت ، وإن شبع شبعت. قال : أخبروني بأمر هذا الحجر ، فوضع الحجر في إحدى الكفتين ، ووضع حجرا مثله في الكفة الأخرى ، ثم رفع الميزان ، فإذا الحجر الذي جاء به أرجح بمثل الآخر ، فوضعوا آخر ، فمال به ، حتى وضعوا ألف حجر كلّها مثله ، ثم رفعوا الميزان فمال بها ولم يمل به الألف حجر ، فقالوا : يا أيها الملك ، لا علم لنا بهذا ، فقال : له الخضر عليهالسلام : أيها الملك ، إنك تسأل هؤلاء عما لا علم لهم به ، وقد أتيت على هذا الحجر. فقال ذو القرنين : فأخبرنا به ، وبيّنه لنا ، فتناول