ولكنه نور ، فخرجوا إلى أرض حمراء ورملة خشخاشة (١) فركة (٢) كأنّ حصاها اللؤلؤ ، فإذا هو بقصر مبني على طول فرسخ ، فجاء ذو القرنين إلى الباب فعسكر عليه ، ثم توجه بوجهه وحده إلى القصر ، فإذا طائر وإذا حديدة طويلة قد وضع طرفاها على جانبي القصر ، والطير الأسود معلق (٣) في تلك الحديدة بين السماء والأرض مزموم (٤) ، كأنّه الخطاف (٥) أو صورة الخطّاف أو شبيه بالخطّاف ، أو هو خطّاف ، فلما سمع خشخشة ذي القرنين ، قال : من هذا؟ قال : أنا ذو القرنين ، فقال الطائر : يا ذا القرنين ، أما كفاك ما وراءك حتى وصلت إلى حدّ بابي هذا؟ ففرق ذو القرنين فرقا شديدا ، فقال : يا ذا القرنين ، لا تخف وأخبرني. قال سل قال : هل كثر بنيان الآجر والجصّ في الأرض؟ قال : نعم ، قال فانتفض الطير ، وامتلأ حتى ملأ من الحديدة ثلثها ، ففرق ذو القرنين ، فقال : لا تخف ، وأخبرني. قال : سل. قال : هل كثرت المعازف؟ قال : نعم. قال : فانتفض الطير وامتلأ حتى امتلأ من الحديدة ثلثيها ، ففرق ذو القرنين ، فقال : لا تخف ، وأخبرني. قال : سل. قال : هل ارتكب الناس شهادة الزور في الأرض؟ قال : نعم. فانتفض انتفاضة وانتفخ ، فسدّ ما بين جداري القصر ، قال : فامتلأ ذو القرنين عند ذلك فرقا منه ، فقال له : لا تخف وأخبرني. قال : سل : قال : هل ترك الناس شهادة أن لا إله إلا الله؟ قال : لا. فانضمّ ثلثه ، ثمّ قال : يا ذا القرنين ، لا تخف وأخبرني. قال : سل. قال : هل ترك الناس الصلاة المفروضة؟ قال : لا. قال : فانضمّ الثلث الآخر ، ثمّ قال : يا ذا القرنين ، لا تخف وأخبرني. قال : سل. قال : هل ترك الناس الغسل من
__________________
(١) في «ط» : معلق بأنفه.
(٢) زمّ الشيء : شدّه «لسان العرب ـ زمم ـ ج ١٢ ، ص ٢٧٢».
(٣) الخطّاف : السنونو ، وهو ضرب من الطيور القواطع. «المعجم الوسيط ـ خلف ـ ج ١ ، ص ٢٤٥».