سَوِيًّا قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) يعني إن كنت ممّن يتقي الله.
قال لها جبرائيل عليهالسلام : (إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) فأنكرت ذلك ، لأنّها لم يكن في العادة أن تحمل المرأة من غير فحل ، فقالت : (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) ولم يعلم جبرائيل عليهالسلام أيضا كيفيّة القدرة ، فقال لها : (كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا).
ـ [وقال علي بن الحسين عليهالسلام في قوله : (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا) : «خرجت من دمشق حتى أتت كربلاء ، فوضعته في موضع قبر الحسين عليهالسلام ، ثمّ رجعت من ليلتها» (١)].
قال : فنفخ في جيبها ، فحملت بعيسى عليهالسلام بالليل ووضعته بالغداة ، وكان حملها تسع ساعات من النهار ، جعل الله لها الشهور ساعات ، ثم ناداها جبرائيل عليهالسلام : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) أي هزّي النخلة اليابسة ، فهزّت ، وكان ذلك اليوم سوقا ، فاستقبلها الحاكة ، وكانت الحياكة أنبل صناعة في ذلك الزمان ، فأقبلوا على بغال شهب ، فقالت لهم مريم : أين النخلة اليابسة؟ فاستهزءوا بها وزجروها ، فقالت لهم : جعل الله كسبكم نزرا ، وجعلكم في الناس عارا ، ثم استقبلها قوم من التجّار ، فدلّوها على النخلة اليابسة ، فقالت لهم : جعل الله البركة في كسبكم ، وأحوج الناس إليكم ، فلمّا بلغت النّخلة أخذها المخاض ، فوضعت عيسى عليهالسلام ، فلمّا نظرت إليه : قالت : (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) ماذا أقول لخالي ، وما ذا أقول لبني إسرائيل؟
__________________
(١) التهذيب : ج ٦ ، ص ٧٣ ، ح ١٣٩.