(فَناداها) عيسى (مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) أي نهرا (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) أي حرّك النّخلة (تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) أي طيّبا ، وكانت النخلة قد يبست منذ دهر طويل ، فمدّت يدها إلى النخلة ، فأورقت وأثمرت ، وسقط عليها الرّطب الطري ، فطابت نفسها. فقال لها عيسى : قمطيني وسوّيني ، ثم افعلي كذا وكذا ، فقمّطته وسوّته ، وقال لها عيسى : (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) وصمتا.
[ـ قال أبو عبد الله عليهالسلام : «إنّ الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ـ ثم قال ـ قالت مريم : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) أي صمتا (١)] ـ كذا نزلت ـ (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا).
ففقدوها في المحراب ، فخرجوا في طلبها ، وخرج خالها زكريّا ، فأقبلت وهو في صدرها ، وأقبلت مؤمنات بني إسرائيل يبزقن في وجهها ، فلم تكلّمهنّ حتى دخلت في محرابها ، فجاء إليها بنو إسرائيل وزكريا فقالوا لها : (يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) أي عظيما من المناهي (يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا).
ومعنى قولهم (يا أُخْتَ هارُونَ) أنّ هارون كان رجلا فاسقا زانيا فسبّوها به ، من أين هذا البلاء الذي جئت به ، والعار الذي ألزمته لبني إسرائيل؟.
ـ [وذكر مقاتل بن سليمان في قوله تعالى (يا أُخْتَ هارُونَ) قال : روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «هارون هذا الذي ذكروه هو هارون أخو موسى عليهالسلام». ثمّ قال مقاتل : وتأويل (يا أُخْتَ هارُونَ) يا من هي من نسل
__________________
(١) الكافي : ج ٤ ، ص ٨٧ ، ح ٣.