ثم صارت إلى موسى بن عمران ، وإنها لعندنا ، وإنّ عهدي بها آنفا ، وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها ، وإنها لتنطق إذا استنطقت ، أعدّت لقائمنا عليهالسلام ، يصنع بها ما كان يصنع بها موسى عليهالسلام ، وإنها لتروّع وتلقف ما يأفكون ، وتصنع ما تؤمر به ، إنها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون ، يفتح لها شعبتان : إحداهما في الأرض ، والأخرى في السّقف ، وبينهما أربعون ذراعا ، تلقف ما يأفكون بلسانها» (١).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لما كانت الليلة التي أسري بي إلى السماء ، وقف جبرائيل في مقامه ، وغبت عن تحيّة كل ملك وكلامه ، وصرت بمقام انقطع عنّي فيه الأصوات ، وتساوى عندي الأحياء والأموات ، اضطرب قلبي وتضاعف كربي ، فسمعت مناديا ينادي بلغة علي ابن أبي طالب : قف ـ يا محمّد ـ فإنّ ربك يصلّي. قلت : كيف يصلّي ، وهو غنيّ عن الصلاة لأحد؟ وكيف بلغ عليّ هذا المقام؟
فقال الله تعالى : اقرأ يا محمد : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ)(٢) وصلاتي رحمة لك ولأمّتك ، فأما سماعك صوت عليّ ، فإن أخاك موسى بن عمران لما جاء جبل الطّور وعاين ما عاين من عظم الأمور ، أذهله ما رآه عمّا يلقى إليه ، فشغلته عن الهيبة بذكر الله أحب الأشياء إليه وهي العصا ، إذ قلت له : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) ـ ولمّا كان عليّ أحب الناس إليك ، ناديناك بلغته وكلامه ، ليسكن ما بقلبك من الرعب ، ولتفهم ما يلقى إليك ـ قال : (وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) بها ألف معجزة» ليس هذا موضع ذكرها ..
__________________
(١) الكافي : ج ١ ، ص ١٨٠ ، ح ١. وبصائر الدرجات : ص ٢٠٣ ، ح ٣٦. وكمال الدين وتمام النعمة : ص ٦٧٣ ، ح ٢٧.
(٢) الأحزاب : ٤٣.