فقال له المأمون : وأين ذلك من كتاب الله؟
فقال الرضا عليهالسلام : «في قوله تعالى (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(١) ، وقال عزوجل في موضع آخر : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً)(٢) ثمّ ردّ المخاطبة في أثر هذا إلى سائر المؤمنين ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(٣) يعني الذين يرثهم الكتاب والحكمة وحسدوا عليها ، فقوله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين ، فالملك ها هنا هو الطاعة لهم».
قالت العلماء : فأخبرنا : هل فسّر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟
فقال الرضا عليهالسلام : «فسّر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موطنا وموضعا ـ وساق الحديث بذكر المواضع إلى أن قال ـ وأمّا الثانية عشر ، فقوله عزوجل : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) فخصصنا الله تعالى بهذه الخصوصية ، إذ أمرنا مع الأمّة بإقامة الصلاة ثمّ خصصنا من دون الأمّة ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يجيء إلى باب عليّ وفاطمة (صلوات الله عليهما) ، بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر ، كل يوم عند حضور كلّ صلاة ، خمس مرات ، فيقول : الصلاة رحمكم الله ، وما أكرم الله أحدا من ذراري الأنبياء عليهمالسلام بمثل هذه الكرامة بها وخصصنا من دون جميع أهل بيتهم».
فقال المأمون والعلماء : جزاكم الله ـ أهل بيت نبيّكم ـ عن هذه الأمّة
__________________
(١) آل عمران : ٣٣ و ٣٤.
(٢) النساء : ٥٤.
(٣) النساء : ٥٩.