والقدس والرحمة والعلم ، وليس وراء هذا مقال» (١).
وقال حنان بن سدير : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن العرش والكرسي ـ وذكر الحديث إلى أن قال عليهالسلام ـ : «فمن اختلاف صفات العرش أنه قال تبارك وتعالى : (رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) ، وهو وصف عرش الوحدانية ، لأنّ قوما أشركوا كما قلت لك ، قال تبارك وتعالى : (رَبِّ الْعَرْشِ) ، رب الوحدانية (عَمَّا يَصِفُونَ) وقوما وصفوه بيدين ، فقالوا : يد الله مغلولة. وقوما وصفوه بالرجلين ، فقالوا : وضع رجله على صخرة بيت المقدس ، فمنها ارتقى إلى السماء. وقوما وصفوه بالأنامل ، فقالوا : إن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إنّي وجدت برد أنامله على قلبي.
فلمثل هذه الصفات قال : (رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) يقول : رب المثل الأعلى عما به مثّلوه ، ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء ، ولا يوصف ولا يتوهّم ، فذلك المثل الأعلى. ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم ، فوصفوا ربّهم بأدنى الأمثال ، وشبّهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به ، فلذلك قال : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)(٢).
فليس له شبه ولا مثل ولا عدل ، وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره ، وهي التي وصفها الله في الكتاب ، فقال : (فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ)(٣) جهلا بغير علم ، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك ، وهو لا يعلم ، ويكفر به وهو يظنّ أنه يحسن ، فلذلك قال : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)(٤) ، فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم
__________________
(١) التوحيد : ص ٣٢٤ ، ح ١.
(٢) الإسراء : ٨٥.
(٣) الأعراف : ١٨٠.
(٤) يوسف : ١٠٦.