فقيل له : كيف ذلك؟ فقال : «إنّما قال : فعله كبيرهم هذا إن نطق ، وإن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا».
فاستشار نمرود قومه في إبراهيم عليهالسلام ، فقالوا له (حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) فقال الصادق عليهالسلام : «كان فرعون إبراهيم وأصحابه لغير رشدة ، فإنهم قالوا لنمرود : (حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) وكان فرعون موسى وأصحابه لرشدة ، فإنه لما استشار أصحابه في موسى قالوا : (أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ)(١)».
فحبس إبراهيم عليهالسلام ، وجمع له الحطب ، حتى إذا كان اليوم الذي ألقى فيه نمرود إبراهيم عليهالسلام في النار. برز نمرود وجنوده ـ وقد كان بني لنمرود بناء ينظر منه إلى إبراهيم عليهالسلام كيف تأخذه النار ـ فجاء إبليس واتخذ لهم المنجنيق ، لأنه لم يقدر أحد أن يقرب من تلك النار ، وكان الطائر إذا مرّ في الهواء يحترق ، فوضع إبراهيم عليهالسلام في المنجنيق ، وجاء أبوه فلطمه لطمة ، وقال له : ارجع عما أنت عليه.
وأنزل الربّ ملائكة إلى السماء الدنيا ، ولم يبق شيء إلا طلب إلى ربّه ، وقالت الأرض : يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره ، فيحرق؟ وقالت الملائكة : يا ربّ خليلك إبراهيم يحرق؟ فقال الله عزوجل : أمّا إنه إن دعاني كفيته. وقال جبرئيل عليهالسلام : يا ربّ ، خليلك إبراهيم ليس في الأرض أحد يعبدك غيره ، فسلّطت عليه عدوّه يحرقه بالنار؟ فقال : اسكت ، إنما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت ، وهو عبدي آخذه إن شئت ، فإذا دعاني أجبته.
فدعا إبراهيم عليهالسلام ربّه بسورة الإخلاص : «يا الله ، يا واحد ، يا أحد ، يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، نجّني من النار
__________________
(١) الشعراء : ٣٦ و ٣٧.