برحمتك». قال : فالتقى جبرئيل معه في الهواء وقد وضع في المنجنيق ، فقال : يا إبراهيم ، هل لك إليّ من حاجة؟ فقال إبراهيم عليهالسلام : أما إليك فلا ، وأمّا إلى ربّ العالمين فنعم. فدفع إليه خاتما مكتوبا عليه : «لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ألجأت ظهري إلى الله ، وأسندت أمري إلى الله ، وفوضت أمري إلى الله». فأوحى الله إلى النار : (كُونِي بَرْداً) فاضطربت أسنان إبراهيم عليهالسلام من البرد حتى قال : (وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ).
وانحطّ جبرئيل ، وجلس معه يحدّثه في النار ، فنظر إليه نمرود ، فقال : من اتّخذ إلها فليتخذ مثل إله إبراهيم. فقال عظيم من عظماء أصحاب نمرود : إني عزمت على النار أن لا تحرقه. فخرج عمود من النار ونحو الرجل فأحرقه ، فآمن له لوط وخرج معه مهاجرا إلى الشام ، ونظر نمرود إلى إبراهيم عليهالسلام في روضة خضراء في النار ، ومعه شيخ يحدّثه ، فقال لآزر : ما أكرم ابنك على ربّه!
قال : وكان الوزغ ينفخ في نار إبراهيم ، وكا الضّفدع يذهب بالماء ليطفئ به النار. قال : ولما قال الله للنار : (كُونِي بَرْداً وَسَلاماً) لم تعمل النار في الدنيا ثلاثة أيام ، ثم قال الله عزوجل : (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) ، وقال الله عزوجل : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) يعني الشام ، وسواد الكوفة ، وكوثى ربّا (١).
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٧١. وكوثى ـ بالعراق ـ في موضعين : كوثى الطريق : وكوثى ربّا ، وبها مشهد إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وهما قريتان ، وبينهما تلول من رماد يقال إنّها رماد النار التي أوقدها نمرود لإحراقه. (مراصد الإطلاع : ج ٣ ، ص ١١٨٥).