خلق آدم ، كيف خلقه الله تعالى؟
قال : «إن الله تعالى لمّا خلق نار السّموم ، وهي نار لا حرّ لها ولا دخان ، فخلق منها الجان ، فذلك معنى قوله تعالى : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ) وسمّاه مارجا ، وخلق منه زوجه وسمّاها مارجة ، فواقعها فولدت الجان ، ثم ولد الجانّ ولدا وسمّاه الجنّ ، ومنه تفرّعت قبائل الجنّ ، ومنهم إبليس اللعين ، وكان يولد الجانّ الذكر والأنثى ، ويولد الجنّ كذلك توأمين ، فصاروا تسعين ألفا ذكرا وأنثى ، وازدادوا حتى بلغوا عدّة الرمال.
وتزوّج إبليس بامرأة من ولد الجانّ يقال لها : لهبا بنت روحا بن سلساسل ، فولدت منه بيلقيس وطونة في بطن واحد ، ثم شعلا وشعيلة في بطن واحد ، ثمّ دوهر ودوهرة في بطن واحد ، ثم شوظا وشيظة في بطن واحد ، ثم فقطس وفقطسة في بطن واحد ، فكثر أولاد إبليس (لعنه الله) حتى صاروا لا يحصون ، وكانوا يهيمون على وجوههم كالذرّ ، والنّمل ، والبعوض ، والجراد ، والطّير ، والذباب. وكانوا يسكنون المفازو (١) والقفار ، والحياض ، والآجام ، والطرق ، والمزابل ، والكنف (٢) ، والأنهار ، والآبار ، والنواويس (٣) ، وكلّ موضع وحش ، حتى امتلأت الأرض منهم. ثم تمثّلوا بولد آدم بعد ذلك ، وهم على صور الخيل ، والحمير ، والبغال ، والإبل ، والمعز ، والبقر ، والغنم ، والكلاب ، والسباع ، والسلاحف.
فلمّا امتلأت الأرض من ذريّة إبليس (لعنه الله) أسكن الله الجانّ الهواء دون السّماء ، وأسكن ولد الجنّ في سماء الدنيا ، وأمرهم بالعبادة والطاعة وهو
__________________
(١) المفاوز : جمع مفازة ، البرّيّة القفر. «لسان العرب ـ فوز ـ ج ٥ ، ص ٣٩٣».
(٢) الكنف : واحدها الكنيف ، وهو الحضيرة المتّخذة للإبل والغنم ، والمرحاض. «المعجم الوسيط ـ كنف ـ ج ٢ ، ص ٨٠١».
(٣) النواويس : جمع ناووس أو ناؤوس ، مقبرة النصارى. ويطلق على حجر منقور تجعل فيه جثة الميّت. «أقرب الموارد ـ نوس ـ ج ٢ ، ص ١٣٥٨».