وجعلتني ناقصة العقل والدّين والشهادة والميراث والذّكر ، وحرمتني أفضل الأشياء ، وألزمتني الحبل والطّلق ، وصيّرتني بالنّجاسة ، وكيف أخرج من الجنّة وقد حرمتني جميع الخيرات؟ فنوديت : «أن اخرجي ، فإني أرفق قلوب عبادي عليكنّ».
فنوديت : «اخرجي ، فإنّي مخرج منكما ما يملأ الجنّة والنار ، فأما الذين يملؤون الجنّة فمن نبيّ وصدّيق وشهيد ومستغفر ، ومن يصلّي عليكما ، ويستغفر لكما». قال عليهالسلام : «ما من مؤمن ولا مؤمنة يستغفر لآدم وحوّاء إلّا عرض الاستغفار عليهما ، فيفرحان ، ويقولان : يا ربّ ، هذا ولدنا فلان قد استغفر لنا ، وصلّى علينا ، فتفضّل عليه ، وزد من كرمك وإحسانك إليه» وروي : أنّ من لم يصلّ عليهما عند ذكرهما ، فقد عقّهما.
فقالت حوّاء : أسألك ـ يا ربّ ـ أن تعطيني كما أعطيت آدم. فقال الربّ عزوجل : «إنّي قد وهبتك الحياء والرّحمة والأنس ، وكتبت لك من ثواب الاغتسال والولادة ما لو رأيته من الثواب الدائم ، والنعيم المقيم ، والملك الكبير ، لقرّت به عينك. يا حوّاء ، أيما امرأة ماتت في ولادتها حشرتها مع الشهداء. يا حوّاء ، أيّما امرأة أخذها الطلق إلّا كتبت لها أجر شهيد ، فإن تحمّلت وولدت ، غفرت لها ذنوبها ولو كانت مثل زبد البحر ورمل البرّ وورق الشجر ، وإن ماتت فهي شهيدة ، وحضرتها الملائكة عند قبض روحها ، وبشّروها بالجنّة ، وتزفّ إلى بعلها في الآخرة ، وتفضّل على سائر الحور العين بسبعين درجة» فقالت حوّاء : حسبي ما أعطيت.
قال : وتكلّم إبليس اللّعين ، وقال : يا ربّ إنك أغويتني وأبلستني ، وكان ذلك في سابق علمك ، فانظرني إلى يوم يبعثون ، قال : (فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)(١) وهي النفخة الأولى. قال : (فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ
__________________
(١) الحجر : ٣٧ و ٣٨.