قالت : إلهي وسيّدي ، ذلك خطيئتي ، وقد خدعني إبليس بغروره وأغواني ، وأقسم لي بحقّك وعزّتك إنه لمن الناصحين لي ، وما ظننت أنّ عبدا يحلف بك كاذبا.
قال : «الآن اخرجي أبدا ، فقد جعلتك ناقصة العقل والدّين والميراث والشّهادة والذّكر ، معوجّة الخلقة (١) ، شاخصة البصر ، وجعلتك أسيرة أيّام حياتك ، وحرمتك أفضل الأشياء : الجمعة ، والجماعة ، والسّلام ، والتحيّة ، وقضيت عليك بالطّمث ـ وهو الدم ـ وجهد الحبل ، والطّلق ، والولادة ، فلا تلدين حتى تذوقي طعم الموت ، فأنت أكثر حزنا ، وأكسر قلبا ، وأكثر دمعة ، وجعلتك دائمة الأحزان ، ولم أجعل منكنّ حاكما ، ولا أبعث منكنّ نبيّا».
فقال آدم : «يا ربّ ، إنّك أخرجتني من الجنّة ، وتريد أن تجمع بيني وبين عدوّي إبليس اللعين ، فقوّني عليه ، يا ربّ».
فقال له : «يا آدم ، تقوّ عليه بتقواي وتوحيدي وذكري ، وهو أن تقول : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وأكثر من ذلك ، فإنّها لعدوّي وعدوّك مثل الشهاب القاتل. يا آدم ، قد جعلت مسكنك المساجد ، وطعامك الحلال الذي ذكر عليه اسمي ، وشرابك ما أجريته من ماء معين ، وليكن شعارك ذكري ، ودثارك ما أنسجته بيدك».
فقال آدم : «زدني ، يا ربّ» قال : «أحفظك بملائكتي» فقال : «يا ربّ ، زدني». فقال : «لا يولد لك ولد إلّا وكّلت به ملائكة يحرسونه» قال : «يا ربّ ، زدني» قال : «لا أنزع التوبة منك ولا من ذرّيّتك ما تابوا إليّ». قال : «زدني ، يا ربّ». قال : «أغفر لك ولولدك ولا أبالي ، وأنا الربّ العلي المتعالي».
قال : فعندها تكلّمت حوّاء ، وقالت : إلهي ، خلقتني من ضلع أعوج ،
__________________
(١) في «ط» : الخلق.