وظاهر هذا الأخير هو المبادأة بالدعوة العلنية ، بعد ثلاث سنين من نزول النبوة عليه صلىاللهعليهوآله كما صرّح به في أوّل مقاله ، وكما مرّ في الخبر الأوّل عن تفسير العياشي عن الصادق عليهالسلام.
وأيضا ظاهر الأخير من كلام القمّي أنّ ذلك كان بعد هلاك المستهزئين به لا قبله ، ولكنّ مقاله خلو من الاجابة على أن هؤلاء المستهزئين بما ذا كانوا يستهزءون في مرحلة الكتمان؟
أمّا طلب الوليد من عبد الله بن ربيعة أن يأخذ من محمّد كتابا الى النجاشي بأرض الحبشة أن يردّ عمارة بن الوليد الى مكّة ، فلا يلازم سابق الإعلان فقط بل يستلزم أن يكون ذلك بعد الهجرة الى الحبشة واكتشاف ميل النجاشي الى الدين الجديد! والقمّي في مقاله هذا مرّ عليه مرور الكرام وكأنّه لم يلتفت الى هذه المفارقة الواضحة ، وكذلك كلّ من نقل عنه مقاله هذا.
أمّا الطبرسي في تفسيره فقد قال : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) عن ابن عبّاس وابن جريج ومجاهد وابن زيد والزجاج : أي أظهر وأعلن وأبن وصرّح بما امرت به غير خائف. وقال الزجاج : والصدع في الزجاج والجدار بينونة بعضه عن بعض. وعن أبي مسلم : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) أي لا تلتفت إليهم ولا تخف منهم. (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) أي شرّ المستهزئين واستهزاءهم بأن أهلكناهم.
فعن ابن عبّاس وابن جبير : أنّهم كانوا خمسة نفر من قريش : العاص بن وائل ، والوليد بن المغيرة ، وأبو زمعة الأسود بن المطّلب ، والأسود بن عبد يغوث ، والحرث بن قيس.
وعن محمّد بن ثور : كانوا ستة رهط ، وسادسهم : الحارث بن الطلاطلة.
قالوا : أتى جبرئيل النبيّ صلىاللهعليهوآله والمستهزءون يطوفون بالبيت ، فقام جبرئيل ورسول الله الى جنبه ، فمرّ به الوليد بن المغيرة المخزومي فأومى بيده الى ساقه ،