ثمّ رجعت الى مكّة ، فلمّا أصبحت حدثت به الناس فكذّبني أبو جهل والمشركون ، وقال مطعم بن عدي : أتزعم أنّك سرت مسيرة شهرين في ساعة؟! أشهد أنّك كاذب! ثمّ قالوا : أخبرنا عمّا رأيت. فقال مررت بعير بني فلان وقد أضلوا بعيرا لهم وهم في طلبه وفي رحلهم قعب مملوء من ماء فشربت الماء ثمّ غطيته كما كان. قال : ومررت بعير بني فلان فنفرت بكرة فلان فانكسرت يدها قالوا : فأخبرنا عن عيرنا. قال : مررت بها بالتنعيم يتقدّمها جمل أورق (أي أحمر) عليه قرارتان محيطتان ، ويطلع عليكم عند طلوع الشمس.
قالوا : فخرجوا يشتدون نحو الثنيّة وهم يقولون : لقد قضى محمّد بيننا وبينه قضاء بيّنا وجلسوا ينتظرون متى تطلع الشمس فيكذّبوه. فقال قائل : والله انّ الشمس قد طلعت ، وقال آخر : والله هذه الإبل قد طلعت يقدمها بعير أورق. فبهتوا ولم يؤمنوا (١).
ورواه محمّد بن اسحاق عن أمّ هانئ بنت أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ قالت : انّ رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ ليلة اسري به صلّى العشاء الآخرة في بيتي ثمّ نام عندي تلك الليلة في بيتي ونمنا. فلمّا كان قبيل الفجر أيقظنا رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ فلمّا صلّى الصبح وصلّينا معه قال : يا أمّ هانئ لقد صلّيت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الدار ثمّ ذهبت الى بيت المقدس فصلّيت فيه ثمّ ها أنا قد صليت معكم الآن صلاة الغداة كما ترين. ثمّ قام ليخرج ، فأخذ بطرف ردائه فقلت له : يا نبيّ الله لا تحدث بهذا الناس فيكذّبوك ويؤذوك! قال : والله لاحدثنّهم به.
__________________
(١) مجمع البيان ٦ : ٦٠٩ ، ٦١٠.