فقلت لجارية لي حبشية : ويحك اتّبعي رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ حتّى تسمعي ما يقول الناس وما يقولون له. فقالت : لمّا خرج رسول الله الى الناس أخبرهم فعجبوا وقالوا : ما آية ذلك يا محمّد؟ فإنّا لم نسمع بمثل هذا قط! قال : آية ذلك : أنّي مررت وأنا متوجه الى الشام بعير بني فلان بوادي كذا وكذا فانفرهم حسّ الدابّة فشذّ عنهم بعير فدللتهم عليه. ثمّ أقبلت حتّى اذا كنت بوادي ضجنان (على بريد من مكّة بوادي تهامة) مررت بعير بني فلان فوجدت القوم نياما ، ولهم إناء فيه ماء قد غطّوا عليه بشيء ، فكشفت غطاءه وشربت ما فيه ثمّ غطّيت عليه كما كان ، وآية ذلك أنّ عيرهم الآن تصوب من البيضاء ثنيّة «التنعيم» يقدمها جمل أورق (بين الغبرة والسواد) عليه غرارتان : احداهما سوداء والاخرى بألوان مختلفة.
قالت (أمّ هانئ عن جاريتها) فابتدر القوم الثنيّة فلم يلقهم شيء قبل الجمل كما وصف لهم ، وسألوهم عن الإناء فأخبروهم أنّهم وضعوه مملوءا ماء ثمّ غطّوه وأنّهم هبّوا (من نومهم) فوجدوه مغطّى كما غطّوه ولم يجدوا فيه ماء ، وسألوا الآخرين وهم بمكّة ، فقالوا : صدق والله ، لقد انفرنا في الوادي الّذي ذكر ، وندّ لنا بعير ، فسمعنا صوت رجل يدعونا إليه حتّى أخذناه (١).
وفي تمام الخبر السابق عن الصادق عليهالسلام قال : لمّا نزلت السورة واخبر بذلك عتبة بن أبي لهب فجاء الى النبيّ صلىاللهعليهوآله وتفل في وجهه وقال : كفرت بالنجم وبرب النجم ، وطلّق ابنته صلىاللهعليهوآله. فدعا عليه وقال : اللهم سلّط عليه كلبا من كلابك.
فخرج عتبة الى الشام فنزل في بعض الطريق ، وألقى الله عليه الرعب فقال لأصحابه : أنيموني بينكم ليلا. ففعلوا ، فجاء أسد فافترسه من بين الناس.
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ٢ : ٤٣ ، ٤٤.