ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ)(١).
وفي قوله سبحانه : (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) قال الطبرسي قيل : هو ما ذكر في سورة المائدة من قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ ...) واعترض على هذا : بأنّ سورة المائدة نزلت بعد الأنعام بمدّة فلا يصح أن يقال : انّه فصّل. الّا أن يحمل على أنّه بيّن على لسان الرسول صلىاللهعليهوآله وبعد ذلك نزل به القرآن (٢).
وقال الطباطبائي : ويظهر من الآية أنّ محرّمات الأكل نزلت قبل سورة الأنعام ، وقد وقعت في سورة النحل من السور المكية ، فهي نازلة قبل الأنعام (٣). والآيات من سورة النحل هي من الآية ١١٤ الى ١١٨ وهي : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ) فلو كان قوله : (فَصَّلَ لَكُمْ) في سورة الأنعام يجعلنا نقول بنزول النحل قبل الأنعام ، فانّ هذه الآية من النحل : (قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ) يجعلنا نسلّم للأخبار الدالة على نزول الأنعام قبل النحل ، فالأنعام الخامسة والخمسون والنحل السبعون في الترتيب. أمّا قوله (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ) في الأنعام فنقبل فيه قول الطبرسي بأن يكون المراد به بيان النبيّ لا القرآن.
وبعدها قوله سبحانه : (وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ)(٤).
__________________
(١) الأنعام : ١١٨ ، ١١٩.
(٢) مجمع البيان ٤ : ٥٥٢ والواحدي في أسباب النزول : ١٨٠ رواية في سبب نزول الآية راجعها.
(٣) الميزان ٧ : ٣٣٢.
(٤) الأنعام : ١٢٤.