من جمادي الآخرة سنة اثنتين من المبعث كان مولد فاطمة في بعض الروايات». ويبدو أن الشيخ يقترب إلى ما ذكره الشيخ المفيد ، إذ قال : «كل ذلك مما يؤيّد أو يدلّ على كون ولادتها بعد البعثة». ويبدو أن رواية الشيخ المفيد تقترب إلى الواقع أكثر من غيرها من خلال مقارنة عمرها الشريف بما روي من مواقفها عليها السلام مع الجوار القرشي الدّنس وما فعله بالمصطفى بعد رحيل أبي طالب رضوان الله عليه.
ومن المباحث المهمّة أيضاً مبحث انتقال المرتضى إلى بيت أخيه المصطفى عليه السلام ، وعلى الرغم من اتفاق الروايات على أن السبب يعود إلى ضائقة ألّمت بأبي طالب ، وبسبب كثرة عياله اقترح المصطفى على عمّه العباس التخفيف عن عمّه فاختار المصطفى علياً واختار العباس جعفر بن أبي طالب ، وقد استغرق الفصلان مع التقديم ثلث الجزء الاوّل تقريباً.
وتناول في الفصل الثالث البعثة النبوية المباركة ، وكانت مباحثة كلّها مهمّة بسبب معالجتها التي قدّمت الروايات المعتبرة عن اهل البيت على غيرها ، دون إهمال للمصادر التاريخيّة الاُخرى ، وكان من بين مباحثها المهمة مبحث ما نزل من القرآن في دور كتمان الدعوة ، ومبحث الإسراء والمعراج ، وحديث الانذار الذي ما زال محل شدٍّ وجذب بين المدرستين وغيرها.
أما الفصل الرابع ، وهو في غاية الأهمية أيضاً فقد تناول فيه مرحلة الدعوة العلنيّة ثمّ انتقل إلى دراسة تاريخ نزول كثير من السور مع ربط الاحداث بها ، وذكر ما نزل منها في مرحلة الدعوة السريّة ، وما نزل منها في المرحلة العلنيّة ، ولا أشكُّ في أن البحث بتاريخ النزول قد استغرق منه جهداً هائلاً إذ اضطره فيما أحسب إلى إنعام النظر بجميع كتب التفاسير ، وبجميع الدراسات التي تناولت تاريخ القرآن ، بالاضافة إلى كتب التاريخ والسيرة التي أرّخت للاحداث ، وكان الباحث فيها حاضراً واعياً مجتهداً لا يستقرُّ على رأي دون أدلّة قويّة يركن إليها.