الحكم إذ هو تحصيل الحاصل ، بل أنّه أردأ أنواع تحصيل الحاصل في المقام إذ الموضوع الموجود وجدانا يطلب تحصيله بالتعبّد.
هذا كلّه بحسب الكبرى الكلّية وقد عرفت انطباقها حينئذ ، إذ أنّ أثر جعل الحجّية في المقام إنّما هو جواز الاستناد إليها في مقام العمل وجواز إسناد مؤدّاها إلى الواقع.
أمّا جواز الاستناد فمعلوم أنّه من آثار الحجّة الواصلة فلو انتفى الوصول فلا يمكن الاستناد ، وحينئذ فعدم جواز الاستناد من آثار الجهل بجعل الحجّية لا من آثار عدم الجعل الواقعي ، وحينئذ فلا فائدة في الاستصحاب أصلا ، لأنّ عدم الجعل الواقعي لا أثر له حتّى يرتب عليه عند ثبوته تعبّدا وما هو موضوع الأثر محرز وجدانا.
وأمّا جواز الإسناد فمبنيّ على أنّ معنى التشريع ما هو ، فإن جعلناه إدخال ما لم يعلم أنّه من الدين في الدين فبالجهل بالجعل يتحقّق الموضوع للتشريع المحرّم فلا داعي للاستصحاب حينئذ ، وإن جعلنا الجامع بين إدخال ما ليس من الدين في الدين وإدخال ما لم يعلم أنّه من الدين في الدين (١) فيكون الأثر مترتّبا على عدم الجعل الواقعي وعلى الجهل أيضا ، فبمجرّد الشكّ يتحقّق أحد فردي موضوع التشريع فتثبت الحرمة ، ويكون إجراء الاستصحاب لإثبات الفرد الثاني تحصيلا للحاصل على أردإ الوجوه ، إذ هو إثبات الفرد الموجود وجدانا بالتعبّد ، وهو قبيح. ولا يجري الاستصحاب ، إذ الأثر وهو حرمة الإسناد موجودة بدونه.
ولا يخفى عليك أنّ الحقّ هو إمكان جريان الاستصحاب وإن كانت الكبرى المذكورة في كلام الميرزا النائيني قدسسره من كون تحصيل الحاصل محالا مسلّمة إلّا أنّها غير منطبقة على المقام ، ضرورة أنّ المحرز عدم وصول الحجّة لا عدم الجعل ، وبالاستصحاب يثبت عدم الجعل تعبّدا ، فما هو حاصل لا ربط للاستصحاب به ،
__________________
(١) انظر عوائد الأيّام : ٣١٩.