وما يثبت بالاستصحاب لم يكن محرزا بالوجدان حتّى يكون الاستصحاب محصّلا للحاصل.
بقي الكلام في أثر هذا الاستصحاب فإنّ الاستصحاب إن لم يكن له أثر لا يكون حجّة بل لا يكون مجعولا لاستلزامه اللغويّة.
والجواب أوّلا : بالنقض بالأدلّة الخاصّة الدالّة على عدم الحجّية في بعض الظنون والمنع عن العمل بها نظير النهي عن القياس أو غيره من الأمارات ، مع أنّ محذور تحصيل الحاصل بعينه حاصل فيها.
وثانيا : بالنقض بحديث الرفع ، مع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان وغيرها من الأحكام الشرعيّة المجامعة للحكم العقلي.
وثالثا : بالحلّ وهو أنّ الحكم العقلي إنّما يثبت على تقدير ثبوت موضوعه وليس له إثبات الموضوع بنفسه ، كما في جميع [الأحكام](١) وحينئذ فبحديث الرفع يثبت بيان لعدم الجعل فيرتفع عدم البيان للجعل فلا يبقى موضوع حكم العقل حينئذ ، وكما في الأدلّة الخاصّة الدالّة على عدم حجّية بعض الظنون والمقام من هذا القبيل فإنّ الشكّ في الحجّية الّذي هو موضوع حكم العقل يرتفع قطعا ببيان عدم الحجّية الثابت بالاستصحاب ، وحينئذ فيترتّب الأثر وهو عدم جواز الإسناد والاستناد مستندا إلى حكم الشرع الثابت بالاستصحاب وكفى بذلك أثرا.
(ولا يخفى أنّ المستفاد من الكتاب العزيز تحريم التقوّل على الله تعالى بغير علم مثل قوله : (أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٢) وتحريم التقوّل مع العلم بعدم قول الله تعالى مثل قوله : (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(٣)
__________________
(١) في الأصل : جميع الحاكمين.
(٢) البقرة : ٨٠.
(٣) آل عمران : ٧٥.