المتقدّم على خبر السيّد ومحكيّ خبر السيّد عدم الحجّية في مرتبة الجعل وما هو متأخّر عن خبر السيّد عدم الحجّية الفعليّة فيكون شاملا لقول السيّد ، فتأمّل.
ثمّ إنّ هذا المورد على الإيراد الثالث دفع الشبهة المذكورة ـ من عدم حجّية المفهوم في آية النبأ لشموله لقول السيّد المرتضى فلو كان خبر الواحد حجّة لزم عدم حجّيته ـ بأنّ قول السيّد المرتضى ليس بحجّة في المقام ، لأنّ عدم الحجّية إذا لم يمكن ثبوتها لقول السيّد قدسسره لكونها محكيّة به والمحكيّ متقدّم على الحاكي فالحجّية نقيض عدم الحجّية والنقيضان في رتبة واحدة وإلّا لم يكونا نقيضين ، فعدم إمكان ثبوت عدم الحجّية يستلزم عدم إمكان ثبوت الحجّية لما بينهما من الاتّحاد في الرتبة.
والجواب عمّا ذكره واضح بعد ما ذكرناه ، فإنّ الحجّية وعدم الحجّية في مرتبة الجعل متضادّان ، لا الحجّية في مرتبة الجعل مضادّة لعدم الحجّية في مرتبة الفعليّة وبالعكس ، بمعنى أنّ عدم الحجّية في مرتبة الجعل ليس مضادّا للحجّية في مرتبة الفعليّة حتّى يكونا في مرتبة واحدة ، فإذا لم يكونا في رتبة واحدة لم يمتنع أن لا يثبت أحدهما وهو المحكيّ ويثبت الحجّية الفعليّة للحاكي لأنّه مصداق وموضوع لحجّية خبر العدل ، والحكم إذا وجد موضوعه فقهرا يكون فعليّا.
وثانيا : بأنّا لو سلّمنا أنّهما في رتبة واحدة فإنّا نمنع أنّ كلّما كانا في رتبة واحدة فلا يثبت أحدهما حيث لا يمكن ثبوت الآخر ، نعم هو فيما كانا في رتبة واحدة بحسب الزمان مسلّم وأمّا أنّه في مطلق ما كان رتبته واحدة ولو لم تكن بحسب الزمان ، فلا ، وقد تقدّم الكلام في ذلك في مبحث الضدّ.
وأحسن ما ينقض به على كلام هذا القائل أنّ الإنسان لو أخبر كاذبا بحليّة الكذب فإمّا أن يكون إخباره هذا صدقا أو كذبا ، ولا إشكال في كونه كذبا ، فإذا كان كذبا فإمّا أن يكون حراما أو حلالا ، وبموجب قوله يلزم أن لا يكون حراما لأنّه لا يعقل أن يتّصف بالحلّية لتأخّره عنها والحرمة في رتبتها ، فيلزم أن لا يكون إخباره هذا حراما ، ولا يلتزم هذا القائل به ، فافهم.