الإسناد إلى «التسعة» مجازيّا لكون العبرة بالإسناد اللفظي لا بالتحليل العقلي. ولا ريب أنّ إسناد «الرفع» إلى المجموع إسناد مجازي ، لأنّ إسناد «الرفع» إلى المجموع بما هو مجموع إسناد إلى ما ليس له ، لأنّ النتيجة تتبع أخسّ المقدّمتين والمركّب من الداخل والخارج خارج ، فافهم.
الثالث : أنّ «الرفع» معناه رفع الشيء الّذي فيه ثقل ، و «الحكم» لا ثقل فيه ، وإنّما الفعل هو ذو الثقل ، فلا معنى لرفع الحكم ، لأنّ الحكم هو المثقل الموجب للثقل في الفعل والموجب للكلفة فيه ، ومن ثمّ سمّي تكليفا فلا بدّ أن يراد منه رفع الفعل.
والجواب : أنّ الرفع كما يكون بالنسبة إلى الفعل يكون بالنسبة إلى سببه ومسبّبه ، ومن ثمّ قيل كما في الخبر : «رفع القلم عن الجاهل حتّى يبلغ» (١) فهذا رفع بالنسبة إلى السبب ، وقد يقال : رفعت المؤاخذة عن الفعل الفلاني الّتي هي المسبّب ، فالرفع كما يسند إلى الفعل الثقيل يسند إلى سبب الثقل ومسبّبه ، فافهم.
الرابع : أنّ الرفع والوضع من الامور الّتي بينها تقابل العدم والملكة ، فهما يتواردان على مورد واحد ، ومعلوم أنّ الوضع هو الجعل لغة (٢) كما قدّمناه ، والمراد من الوضع في التكاليف الجعل في الكلفة وفي ذمة المكلّف ، فالرفع أيضا عن ذمّة المكلّف ، ومعلوم أنّ القابل لأن يوضع ويرفع عن ذمّة المكلّف إنّما هو الفعل الخارجي. وأمّا الحكم فلا معنى لجعله ولرفعه عن ذمّة المكلّف.
والجواب : أنّ الموضوع تارة يكون ظرفه هو ذمّة المكلّف ، فيكون الكلام كما ذكر في أنّه لا معنى له إلّا أن يكون المرفوع الفعل. واخرى يكون ظرفه الشرع والشريعة وحينئذ فلا يكون المرفوع والموضوع في الشريعة إلّا الأحكام ، إذ لا معنى لكون الفعل الخارجي موضوعا أو مرفوعا في الشريعة المقدّسة ، إذ الشريعة عبارة عن جعل الأحكام ، ومعلوم أنّ الحديث ظاهر في كون الرفع في الإسلام والشريعة.
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٩٥ ، باب جملة ممّا عفي عنه ، الحديث الأوّل.
(٢) المنجد : ٩٠٥. «وضع».