فإنّه يقال : إنّ الاستصحاب لا يجري في مثال العبد والثوب. لتقديم قاعدة اليد عليه فيهما. وفي الزوجة الّتي احتمل كونها رضيعته يجري الاستصحاب ، وكذا المحتمل كونها اخته النسبيّة بناء على استصحاب العدم الأزلي كما مرّ ، إلّا أنّ الاستصحاب في هذين الموردين على الحلّية لا الحرمة. فيكون معنى الخبر الأشياء الّتي قام دليل فيها يقتضي الحلّية ـ كقاعدة اليد والاستصحاب ـ كلّها على الحلّية لا يرفع اليد عن حلّيتها إلّا بأحد أمرين : العلم بالحرمة ، أو قيام البيّنة بها.
هذا كلّه بناء على أن يكون المراد من الحلّية الحلّية الظاهريّة الثابتة بأصالة الإباحة ويكون ذكر الأمثلة تنظيرا وتشبيها ، أي كما يحكم بالحلّية ولا يعتنى باحتمال الحرمة ببركة قاعدة اليد والاستصحاب كذلك يحكم بالحلّية ولا يعتنى باحتمال الحرمة بالتمسّك بأصالة الإباحة.
وأمّا بناء على أن يكون المراد من الحلّية الحلّية المطلقة الظاهريّة ، سواء كانت من جهة قيام أمارة أو من جهة أصالة الإباحة ، فيكون الأمثلة تمثيلا حينئذ لبعض الأفراد.
وبالجملة ، فحصر المخرج بهذين الأمرين دليل على إرادة الشبهة الموضوعيّة ، إذ الشبهة الحكميّة لا ينحصر المخرج عنها بأحد هذين ، بل لا بدّ من تخصيص الشبهة الموضوعيّة بما مثّل أيضا.
لا يقال : إنّ الشبهة الموضوعيّة ولو ممّا مثّل به يثبت بالإقرار وبحكم الحاكم ، فلا وجه للحصر فيها أيضا.
لأنّه يقال : أمّا الاعتراف فخارج عن الفرض ، لأنّ محلّ الكلام قيام أمارة على الملكيّة وهي اليد مثلا ، وأمّا حكم الحاكم فهو راجع إلى قيام البيّنة المذكورة في متن الرواية أو الاستبانة ، أي العلم إن قلنا بأنّ الحاكم يحكم بعلمه فإنّهما مستند حكم الحاكم.