ويمكن أن يقال : إنّ الإقرار وحكم الحاكم داخل في قوله : «أو تقوم البيّنة» بإرادة المعنى اللغوي لها الّذي اطلقت عليه كثيرا في القرآن الكريم ، ويكون معنى الرواية : الأشياء كلّها على الحلّية الظاهرة حتّى يظهر تحريمها بنفسه أو يظهره دليل آخر فافهم وتأمّل.
وعليه فلا يكون في الرواية دلالة على عدم حجّية خبر الواحد في الموضوعات ، فيبقى ما دلّ على حجّية الخبر الواحد على عمومه ، فيكون الخبر الواحد حجّة في الموضوعات كما هو حجّة في الأحكام إلّا ما خرج بالدليل كما في المخاصمات.
(ويمكن أن يراد من البيّنة معناها الاصطلاحي ، ويكون وجه تخصيصها بالذكر دون بقيّة الحجج هو اطّراد قبولها في جميع الموارد حتّى ما فيه اليد ، فإنّ خبر الواحد لا يقدّم على اليد بل اليد مقدّمة عليه ، فذكر الإمام عليهالسلام أمرا يقدّم على اليد في الثوب والعبد ويقبل في عدم الرضاع أو عدم النسب ، فذكر البيّنة بخصوصها إنّما كان لاطّراد قبولها دون غيرها من خبر الواحد وشبهه ، ولو أنّ مثل هذه الرواية من المستبعد جدّا كونها رادعة للسيرة العقلائيّة على قبوله خصوصا مع ورود عدّة إخبار في موارد متفرّقة تدلّ على قبوله ، كما في الأذان ونجاسة ثوب المصلّي وأخبار المغتسل ببقاء لمعة في جسده وفي الوصيّة.
وبالجملة ، فقد بنينا على حجّية خبر الواحد في الموضوعات كالأحكام بالسيرة إلّا ما خرج بالدليل) (١). هذا فقه الرواية.
وقد ظهر أنّ الاستدلال بها في الشبهة الحكميّة لا مجال له.
كما أنّ الاستدلال بالروايتين كذلك أيضا لأمرين :
أحدهما : اشتمالهما على كلمة «بعينه» والكلام فيها من حيث ظهورها في الشبهة الموضوعيّة كالاولى ، بل أظهر من جهة تعدية العرفان إلى الحرام لا إلى الحرمة كما في الاولى.
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.