الثاني : أنّ ظاهر قوله : «فيه حلال وحرام» الحلّية الفعليّة والحرمة الفعليّة ، فظاهر التقسيم الفعلي إلى الحلّية والحرمة فلا بدّ أن يكون المراد اشتباهه أنّه من أيّ الفردين أو النوعين ، وهو مختصّ بالشبهة الموضوعيّة أيضا لا أقلّ من احتمال الاختصاص ، فلا يمكن الاستدلال بها لإجمالها حينئذ ، وهو واضح.
وما ذكره الميرزا النائيني قدسسره من كون الشيئيّة ظاهرة في الموجود الخارجي فإذا حمل «الشيء» في : «كل شيء» عليه يدور الأمر بين كون المراد من «فيه حلال وحرام» كونه محتمل الحلّية والحرمة وبين كون المراد انقسامه إلى الحلال والحرام فعلا فيلزم الاستخدام ، لأنّ الشيء الشخصي ليس فيه حلال وحرام ، فلا بدّ من كون المنقسم الّذي يعود إليه ضمير «فيه» نوع الشيء الكلّي ، وإذا دار الأمر بين هذين الأمرين فيقدّم الأوّل على الثاني لأقربيّته ، فيرفع اليد عن التقسيم الفعلي إلى الاحتمال المذكور من الترديد (١).
لا يخفى عليك ما فيه ، فإنّ لفظ «الشيء» لا ظهور له في الموجود الخارجي ، بل يطلق على المعدوم بل المستحيل ، فيقال : اجتماع الضدّين شيء مستحيل ، فهو عرض عامّ قابل للانطباق على الموجود والمعدوم الكلّي والجزئي ، ولا معنى للحمل على الترديد في المقام بإرادة محتمل الحرمة والحلّية بمعنى المردّد بينهما ، لظهور «فيه حلال وحرام» في التقسيم خصوصا بضميمة قوله : «حتّى تعرف الحرام منه بعينه» على ما في بعض النسخ من زيادة كلمة «منه» (٢) الظاهرة في التبعيض ، فلا محيص عن الحمل على التقسيم سواء كان المراد من الشيء الشيء الخارجي فيلزم الاستخدام بأن يكون المراد من الضمير في «فيه» الكلّي ، أو كان المراد من الشيء الكلّي المنقسم إلى
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٨٤ ـ ١٨٥.
(٢) الوسائل ١٧ : ٩٠ ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة والأشربة المباحة ، الحديث الأوّل ، بتفاوت.