الحلال والحرام ، مثل المائع المنقسم إلى الحلال وهو الماء ، والحرام وهو الخمر مثلا : فهو لك حلال حتّى تعرف الخمر بعينه فتدعه ، واحتمال إمكان التقسيم حتّى في الشبهة الحكميّة مثلا : اللحم فيه حلال وهو لحم الغنم ، وحرام وهو لحم الأرنب ، ومشكوك وهو لحم الحمار وإن كان ممكنا إلّا أنّ ظاهر الرواية أنّ نفس الانقسام هو الموجب للاشتباه وليس في المقام كذلك ، لأنّ حرمة لحم الأرنب وحلّية لحم الغنم لا يوجبان الاشتباه في لحم الحمار لعدم ربطهما به وإنّما هو مشتبه في نفسه.
فقد ظهر عدم إمكان الاستدلال بهذه الروايات الثلاثة على جريان البراءة في الشبهة الحكميّة ، وإنّما هي ظاهرة في الشبهة الموضوعيّة الّتي ليست محلّ كلامنا مع الأخباريّين (*).
(ومن جملة الأخبار قوله عليهالسلام : «الناس في سعة ما لا يعلمون» (١) بناء على إضافة «سعة» إلى «ما» ليكون المعنى : الناس في سعة الحكم الّذي لا يعلمونه (٢) ، فتكون معارضة لما دلّ على وجوب الاحتياط للحكم المجهول فيقع الكلام في تقديم أيّهما. أمّا إذا قرئ سعة بالتنوين (٣) فيكون المعنى : هم في سعة ما داموا لا يعلمون ، فتكون أدلّة الاحتياط حينئذ معلّمة ودليلا على التكليف حينئذ فتكون حاكمة على هذا الخبر.
__________________
(*) توجد تعليقة في هامش الأصل لم يحدّد موضعها ، ولعلّ المناسب ادراجها هنا :
ودعوى : استصحاب عدم ورود النهي في صورة الشكّ في الشبهة التحريميّة ، يدفعها أنّها أخصّ من الدعوى ، إذ من جملة الصور صورة العلم الإجمالي بورود نهي وترخيص وشكّ في التقدّم والتأخّر. ودعوى عدم القول بالفصل عهدتها على مدّعيها في أمثال المقام.
(١) غوالي اللآلي ١ : ٤٢٤ ، الحديث ١٠٩ ، وانظر المستدرك ١٨ : ٢٠ ، الباب ١٢ من أبواب مقدّمات الحدود ، الحديث ٤.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٤١.
(٣) أجود التقريرات ٣ : ٣١٥.