ووجه فساد هذا التوهّم أنّ أدلّة الاحتياط هل وصلت أم هي غير واصلة؟ المفروض أنّها غير واصلة ، لأنّ المفروض استكشاف أدلّة الاحتياط وإيجابه من أدلّة التوقّف. فإذا لم تكن أدلّة الاحتياط واصلة فلا يعاقب على مخالفتها ، لأنّ أدلّة الاحتياط كأدلّة الأحكام الواقعيّة إنّما يجب العمل بها مع فرض الوصول والمفروض أنّها غير واصلة.
وقد أجاب الشيخ (١) عن هذه الشبهة بأنّ الاحتياط إن كان مقدّمة للتحرّز عن العقاب الواقعي فهو قاض بثبوت العقاب على التكاليف المجهولة ، وإن كان العقاب على مخالفة نفسه بما أنّه حكم ظاهري فالعقاب حينئذ ليس على الواقع ، وصريح الهلكة الهلكة الموجودة في الواقع على تقدير الحرمة الواقعيّة ، وأنت خبير بأنّ وجوب الاحتياط لا ينحصر في النفسيّة والغيريّة كما ذكره الآخوند (٢) بل هناك وجوب طريقي وهو غيرهما ، نظير وجوب العمل بالطرق والأمارات ، فافهم.
وهذا الكلام بعينه جار في أخبار التثليث.
(وبالجملة ، أنّ أخبار الوقوف عند الشبهة لا يحقّق الشبهة فلا بدّ من إحراز الشبهة قبل ذلك.
فإن قيل : إنّ أخبار الاحتياط تحقّقها.
قلنا : رواياتها خمسة :
واحدة صحيحة ، وهي الواردة في الصيد الّذي اصطاده محرمان ، حيث يسأل السائل عن وجوب فدائه على كلّ منهما مستقلّا أم مشتركا بينهما ، فهي واردة في الشبهة الوجوبيّة قبل الفحص.
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٧١.
(٢) كفاية الاصول : ٣٩٣.