نعم ، ربّما توهّم أخذ القطع في مقام الشهادة بنحو الصفتيّة ، وكذا أخذ القطع في الركعتين الأوّلتين فيقال حينئذ : إنّ الأمارة مثلا إذا قامت على الملكيّة أو على الركعتين فهل دليل الحجّيّة في تلك الأمارة كافل بقيامها مقام القطع الصفتي فيجوز له الشهادة أم لا؟ ولكنّ الإنصاف أنّه لم يؤخذ القطع في كلّ منهما إلّا بنحو الكشف عن الواقع ، لأنّ الإمام عليهالسلام أشار إلى الشمس ثمّ قال : على مثلها فاشهد أودع (١) يعني إذا انكشف لك الواقع انكشاف الشمس ، ولا ريب في ظهوره في المأخوذ بنحو الكشف. وكذا في الركعتين فإنّ في أخبارها : حتّى تثبتهما أو حتّى تحرزهما ، ومعلوم أنّ الإثبات والإحراز فرع للثبوت واقعا ، فيكون مأخوذا على وجه الكاشفيّة والطريقيّة ، فافهم.
(وقد ذكر الآخوند قدسسره في حاشيته على الرسائل (٢) وجها لا مكان تنزيل الأمارة منزلة القطع الموضوعي بتقريب أن دلالة دليل الحجّيّة إنّما كان بلحاظ الآليّة وتنزيل المؤدّى منزلة الواقع ، فهذا هو مدلول دليل الحجّيّة بحسب المطابقة إلّا أن الملازمة محقّقة بين تنزيل المؤدّى منزلة الواقع وتنزيل القطع التعبّدي بالمؤدّى منزلة القطع الحقيقي بالواقع.
إلّا أنّه ضعّفه في الكفاية (٣) بأنّ تنزيل الجزء للمركّب موقوف على تحقّق أثر له وتحقّق أثره موقوف على تنزيل الجزء الآخر ، إذ المفروض أنّ الأثر مترتّب على المركّب ، والمفروض أنّه بالملازمة فهو موقوف على الدلالة المطابقيّة وهذا هو الدور المحال.
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٢٥٠ ، الباب ٢٠ من أبواب الشهادات ، الحديث ٣.
(٢) درر الفوائد في الحاشية على الفرائد : ٢٩.
(٣) كفاية الاصول : ٢٦٤.