الثانية : قوله عليهالسلام : وإن لم تشكّ ثمّ رأيته رطبا قطعت الصلاة وغسلته ثمّ بنيت على الصلاة لأنّك لا تدري لعلّه شيء أوقع عليك ، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ.
ولا يخفى عليك أنّ الكلام في سند الرواية وإضمارها ومفردات ألفاظها من النقض وغيره هو الكلام في الصحيحة الاولى حرفا بحرف. نعم ، فيها زيادة «لا ينبغي» وهي أظهر في كون القاعدة وهي عدم النقض لا ينبغي صدوره من العقلاء.
وإنّما الكلام في تطبيق هاتين الفقرتين على موردهما فنقول : أمّا تطبيق الفقرة الثانية ففي غاية الوضوح ، لأنّه فرض أنّه لم يكن شاكّا في ثوبه وصلّى ثمّ في أثناء الصلاة رأى شيئا رطبا يحتمل أن يكون قد وقع عليه في أثناء الصلاة ، فالإمام عليهالسلام قال : ليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالطهارة قبل الصلاة بالشكّ في كون الدم أصابك قبلها أو في أثنائها ، ويظهر من هذا التعليل أنّه لو علم في الأثناء بكون الدم موجودا قبل الصلاة تبطل الصلاة.
ومن هنا فصلّ جماعة في الجاهل بالنجاسة الملتفت إليها في الأثناء بين من علم حينئذ تحقّقها قبل الصلاة فتبطل ، ومن لم يعلم فتصحّ صلاته (١).
وبالجملة ، فتطبيق هذه الكلّية المذكورة في ذيل الرواية على موردها من الوضوح بمكان.
وأمّا الاولى ففي تطبيقها إشكال ، لأنّ السائل ظنّ إصابة الدم لثوبه فنظر فلم ير شيئا فصلّى ثمّ رأى فيه يقينا ، فليس نقضا لليقين بالشكّ وإنّما هو نقض لليقين باليقين.
__________________
(١) انظر العروة الوثقى ١ : ٩٤ في أحكام النجاسات ، فصل إذا صلّى في نجس.