ودعوى : كون المستفاد منه حينئذ هي قاعدة اليقين ، ممنوعة ولا وجه لها ، لأنّ قاعدة اليقين متقوّمة باليقين السابق الزائل وبالشكّ الساري ، وفي المقام لا شكّ ساري ، وإنّما هو اليقين بالنجاسة وليس أيضا يقين زائل ، لأنّ اليقين قبل الظنّ بالإصابة لم يزل في زمانه قطعا.
وبالجملة ، فدعوى استفادة حجّية قاعدة اليقين منها في غاية البعد قطعا ، ويبقى الكلام في كيفيّة التطبيق مع أنّه إذا لم نهتد إلى تطبيقها لا يضرّ بالاستدلال بها ، فإنّ ألفاظها معلومة ولا يضرّ بها جهل التطبيق أصلا.
ويمكن أن يقال في تطبيقها شيء يحتاج إلى تمهيد مقدّمة وهي : أنّه وقع النزاع في كون الطهارة شرطا في الصلاة ، أو كون النجاسة مانعا عنها ، أو أنّ الطهارة شرط والنجاسة مانع أيضا؟ لا سبيل إلى الأخير لعدّة محاذير أحدها لزوم اللغويّة في كلام الحكيم ، وأمّا القولان الأوّلان فالأظهر فيهما هو الأوّل لقوله : «لا صلاة إلّا بطهور» (١). «ويكفيك في الاستنجاء ثلاثة أحجار بذلك جرت السنّة وأمّا البول فلا بدّ من غسله بالماء» (٢) فإنّ الظاهر أنّ المراد بالطهور هنا ما يتطهّر به وإن استعمل في مقابل الحدث في غير المقام إلّا أنّ الظاهر منه هنا ذلك بقرينة ذكر الأحجار والماء بعده ، وتكون حينئذ أخبار «لا تصلّ فيه حتّى تغسله» إرشادا إلى الشرطيّة. ولا ثمرة بين القول بأنّ الشرط هو الطهارة ولو ظاهرا أو أنّ المانع هو النجاسة ، إذ لا بدّ من إحراز الشرط ولو بأصل محرز أو محض ، وكذا لا بدّ من إحراز عدم المانع ولو بأصل محرز أو محض.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٦١ ، الباب ٤ من أبواب الوضوء ، الحديث الأوّل ، و ٢٥٦ الباب الأوّل من أبواب الوضوء ، الحديث الأوّل.
(٢) انظر الوسائل ١ : ٢٤٦ ، الباب ٣٠ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٢ ، و ٣ و ٤.